أكد تقرير حديث صادر عن المجلس الأطلسي، وهو مركز تفكير أمريكي، أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث سيباشر مهامه في يناير المقبل، سيعزز موقع وأهمية المملكة المغربية بالنسبة لواشنطن وعلى الصعيد العالمي أيضاً، باعتبارها واحدة من أقدم حلفاء الولايات المتحدة وأولى الدول التي اعترفت باستقلال الأخيرة في العام 1777 عندما فتح السلطان المغربي محمد الثالث موانئ المملكة للسفن الأمريكية، قبل أن يتم توقيع معاهدة سلام وصداقة بين البلدين في العام 1786.
وأشار التقرير الذي كتبته راما ياد، وزير الدولة للشؤون الخارجية وحقوق الإنسان في فرنسا سابقاً، إلى منح المغرب صفة الحليف الرئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي منتصف العام 2004، لافتة في الوقت ذاته إلى دور الرباط الهام في أنشطة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، خاصة ما يتعلق بمكافحة الإرهاب على المستوى الدولي.
وذكرت الوزيرة الفرنسية السابقة أن ترامب أشار إلى هذه الروابط في نهاية العام 2020، قبل أسابيع من نهاية ولايته الأولى عندما اعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، وزار السفير الأمريكي في الرباط مدينة الداخلة في الأقاليم الجنوبية شهراً بعد ذلك تحضيراً لافتتاح ممثلية قنصلية أمريكية في هذه المدينة، موردة أن الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن لم يتمكن من بلورة هذا المشروع على أرض الواقع، ومعتبرة في الوقت ذاته أن الموقف الفرنسي الجديد قد يساعد في تسريع هذا الهدف.
وشددت كاتبة التقرير على أن “المغرب سيكون له بدون شك دور مركزي في إستراتيجية ترامب في الشرق الأوسط”، مشيرة إلى أن “المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس أسست لنفسها كفاعل مستقبلي، ليس فقط في الشرق الأوسط وإنما أيضاً في الجنوب، الذي عاد إليه المغرب من بوابة الاتحاد الإفريقي في 2017، وعمل منذ ذلك على تعزيز وجوده في القارة الإفريقية”.
وبينت راما ياد أن “باريس لاحظت الدور المتنامي للمغرب في القارة، وبدأت التفكير في كيفية الاعتماد عليه لاستعادة الأراضي التي فقدتها في إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل”، مضيفة أنه “من المحتمل أن تتبع واشنطن هذا الاتجاه، خاصة في ظل إعلان محمد السادس عن مبادرة جديدة لتمكين دول الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي من خلال مشاريع تنموية واسعة النطاق”.
وتابع التقرير بأن “هذه الخطة الأطلسية ستحتاج بلا شك إلى التنسيق مع الولايات المتحدة، ما يمكن تحقيقه من خلال ‘شراكة التعاون الأطلسي’، التي أُطلقت في شتنبر من العام الماضي وتشمل العديد من الدول الإفريقية، بما في ذلك المغرب ودول الساحل، مثل السنغال ونيجيريا”، وزاد: “كما أن هناك مبادرات وتحديات أخرى يمكن أن تتعاون فيها الولايات المتحدة والمغرب، بما في ذلك مكافحة تجارة المخدرات التي تعبر من أمريكا الجنوبية عبر الساحل، وأصبحت مرتبطة بشكل متزايد بالحركات الإرهابية التي تزرع الفوضى في الساحل منذ عشرين عاماً”، معتبرا أن “كيفية تعامل إدارة ترامب مع هذه المشاريع الأطلسية ستحدد اتجاه العلاقة بين الولايات المتحدة والمغرب بسبب الدور المركزي للرباط في هذه المبادرات”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “طريقة تعامل ترامب مع قانون خفض التضخم قد يؤثر أيضًا على موقع المغرب في خريطة واشنطن، إذ استفاد الاقتصاد المغربي، الذي يعتمد، من بين أمور أخرى، على الإمدادات من الدول المرتبطة باتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة، فقد بدأت الشركات الصينية تتوجه نحو المغرب للاستثمار للحفاظ على الوصول إلى الأسواق الأمريكية، وهو ما ساهم في تعزيز البلد بفرص خلق الوظائف على أرضه، وانتقلت التكنولوجيا إليه، وقوى موقعه كلاعب رئيسي في صناعة الطاقة المتجددة في إفريقيا”.
وأضافت الوزيرة الفرنسية السابقة أن “تعاون ترامب مع الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون لإلغاء هذا القانون قد يقلل من جاذبية المغرب بالنسبة للصين، وبالتالي تقليل الاستثمارات”، مردفة: “في حال تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين قد يعيد المغرب النظر في إستراتيجيته المتعلقة بالحياد بين القوتين العظميين”، ومعتبرة أنه “مع كون الصين الآن الشريك التجاري الأول لإفريقيا، حيث يزيد حجم تجارتها مع القارة بخمسة أضعاف مقارنة مع الولايات المتحدة، فإن كيفية تعامل ترامب مع الشراكة مع المغرب ستكون مؤشرًا كبيرًا على نواياه تجاه إفريقيا”.
وخلصت راما ياد إلى أن “إفريقيا التي تنتظر الإدارة الثانية لترامب ليست هي نفسها التي تركتها إدارته الأولى، فقد تغيرت معالم القارة بشكل عميق بسبب الجائحة، وأزمة الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، وسلسلة من الانقلابات في الساحل، والحرب الأهلية في السودان وغيرها، وفي كل من هذه القضايا لدى المغرب صوت سيحظى بوزن في واشنطن”.
0 تعليق