أكاديمية المملكة المغربية تناقش لو كليزيو المتوج بجائزة "نوبل الآداب"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بحضور الأديب الحاصل على جائزة نوبل للآداب، جون ماري غوستاف لو كليزيو، كرّمت أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الخميس بالرباط، منجزه الأدبي، وناقشته في يوم دراسي، استقبله مقر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب التابع للأكاديمية.

هذا اليوم المنظم من طرف كرسي “الآداب المقارنة” بأكاديمية المملكة المغربية افتتح بقراءة طالبات وطالبَين في سلك الدكتوراه مقاطع من مُنجز لو كليزيو الأدبي ورؤيته للأدب والحياة، والمغرب كما استلهمه، باللغة العربية، بترجمة الناقد المغربي محمد برادة، وبالفرنسية.

وفي كلمته شكر الحاصل على جائزة نوبل للآداب لو كليزيو الجامعية المتخصصة في أدبه مارينا صال، التي تحدّثت قبله قائلا: “إنها صديقة ساعدتني كثيرا، وأشكرها لمنحها إيّايَ الثقة في ما أكتب (…) والنقد ضروري ومفيد جدا”؛ كما قدّم رؤية أقلّ توجّسا من التطور التكنولوجي المتسارع، موردا: “الإنترنت مهم جدا للتواصل، ولست كاتبا يُدين التواصل الرقمي، فهذه خاصية ينبغي أن تجعلنا متفائلين بالمستقبل؛ أي التواصل بسرعة ويسر”.

لكن، نبّه لو كليزيو إلى “أزمة وجودية” في “البلدان النامية” تجد جذورها في واقع أعمق هو “مفارقة العيش بين بلدان تتشارك العالم نفسه، عالمِنا، رُسمت بينها حدود؛ للحفظ من الأغراب، أي الفقراء، لأنه لا مشكل يُطرح عند استقبال الأغنياء؛ وهو ما يدفع إلى استعمال الحيطان، والحواجز المكهربة، والطائرات بدون طيار، وتوهّمات التاريخ، لحماية الخطوط الوهمية”.

وفي الواقع قدّم الأديب مثالا قاسيا على أثر هذه “الخطوط الوهمية” في حياة الناس، بين نسبة وفيات الأطفال في إسبانيا، ثم النسبة الأكثر ارتفاعا في مناطق من مستعمراتها السابقة، ليتساءل مستنكرا: “كيف نقبل عدم عدالة مثل هذه؟!”، قبل أن يستشهد بقول المدافعة المغربية عن حقوق الإنسان الراحلة عائشة الشنا إن “هذا ليس نداء من أجل الشفقة، بل نداء للعدالة”.

ودافع الروائي عن “القيمة العالمية الحقيقية”، وهي “التشارك”، منتقدا تصورات تستبطنها مفاهيم مثل “التسامح” المتداولة في النقاش داخل فرنسا؛ “كما لو أن الآخر شر لا بد من التعايش معه”.

وقابَل المتحدث بين واقع إعلانات “إنسانية”، مثل “حقوق الإنسان والمواطن”، وبين صعوبات تلاقيها هذه المبادئ “لا من الاستبدادات” فقط، بل من دول صدرت منها هذه المبادئ مثل فرنسا وبريطانيا.

الكاتب المنتمي إلى جزر الموريشيوس وفرنسا استحضرت كلمته جزر موريشيوس في سياق حديثه عن “الحاجة إلى النضال بحذر، من أجل السلام العالمي”، وقدّم مثالا بسبل للسلام: “سنة 1999 كان صراع عنيف بين من هم من أصل هندي ومن هم من أصل إفريقي بالجزيرة، وتوقف ذلك لأن رئيس الجمهورية الموريسية كان حكيما مسلما، وجاء بينهما، قائلا إذا لم نوقف هذا لن يبقى منا أحد، فنحن في جزيرة”.

كما قال الكاتب: “ولدت في فرنسا خلال الحرب العالمة الثانية (وهي صدفة أجبرت أمه على ولادته هناك). أنا موريسي ولست فرنسيا، لكن ثقافيا أمي ذات ثقافة فرنسية وأبي ذو ثقافة بريطانية، وأنا منقسم بين ثلاث ثقافات، كل واحدة منها مختلطة، وجدتي تزوجت موريسيا بريطانيا آنذاك (…) لكن في فرنسا تلقيت اللغة والتعليم والثقافة”.

انطلاقا من هذه الخلفية، والوعي المتحقق معها، ينتقد الكاتب الواقع الذي يدفع بلدانا صغيرة إلى العيش في ظل “عدم العدل”، بينما “البلدان النامية” “آمنة”.

ومع ذلك أردف أديب “نوبل للآداب”: “موريس وطني الصغير، رغم الصعوبات الكل يتحدث ثلاث لغات: الفرنسية، والإنجليزية اللغة الرسمية، والكريول لغة اليومي (…) فيها المسيحية والإسلام والهندوسية، لكن الكل يدفن في مقبرة واحدة”، وواصل: “المغرب أيضا أدين له بالكثير، فزوجتي من الساقية الحمراء (…) وأدين أيضا للثقافة الشفوية بالكثير، وقيمة الشعر”.

هنا، تطرق الكاتب إلى دور الفن والشعر في زمن العولمة، لأن “أوضاع الحرب تعارض كل رسائل الثقافة”، مع تشديده على خطأ تصور “التراتبية بين الثقافات، وأن لبعضها قيمة أكثر من أخرى”، وهو “تصور استمر إلى وقت قريب في أمريكا وأوروبا”، ثم غذّته مجددا “رؤى مثل (صدام الحضارات) لصامويل هانتغتون، ويستمر مع سياسيين مثل دونالد ترامب”، ما يعني “زيادة الكزينوفوبيا (أي: رُهاب الآخر)، والإمعان في القُطرية…”.

وفي مقابل هذا دعا الكاتب إلى الترجمة، التي وإن صعبت لا تتحقّق حقا إلا “باحترام من نترجم له”، وحينئذ تحقّق التشارك، والآخرية، وحسن التأقلم مع “ديكور الآخر” وحسن الجوار؛ كما دعا إلى “حماية عالمنا الحي”، والنظر إلى “المجتمعات الأقلّويّة” بنظرة مختلفة، نظرة تستفيد من تجاربها، التي هي سبيل حلّ الأسئلة الكبرى المستعجَلِ جوابُها في المناخ مثلا، لحماية الطبيعة، وكل ثقافات الأرض، خارج منطق الغزو والهيمنة والشطط في استعمال القوة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق