حقوقيون يوصون بمحاصرة "الشعارات العنصرية" في الملاعب المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعادت الأحداث التي شهدتها مباراة فريقي شباب هوارة وأمل تيزنيت، قبل أيام، في إطار منافسات القسم الوطني هواة، تحريك النقاش في الأوساط الحقوقية والرياضية المغربية بشأن “استمرار الممارسات العنصرية داخل مدرجات الملاعب المغربية”، خصوصًا بعدما أبدت بعض التنظيمات الأمازيغية استغرابها المسار الذي أخذه موضوع هذه الأحداث، لاسيما بعد “مقاربة بعدها المتعلق بالعنف المادي فقط وإغفال جريمة التمييز العنصري”.

وذكرت منظمة تماينوت الناشطة في مجال الدفاع عن الأمازيغية، في بلاغ اطلعت عليه هسبريس، أن “هذا الإغفال اتضح في القرار الذي تضمنه بلاغ العصبة الوطنية لكرة القدم هواة، بالإضافة إلى عدم تحريك النيابة العامة مسطرتها بخصوص الجرائم المتعلقة بالهتافات العنصرية”، بعدما تعرض طاقم وجمهور فريق أمل تيزنيت من قبل جماهير فريق شباب هوارة بملعب 16 نونبر بأولاد تايمة لـ”الهجوم والعنف المادي والعبارات العنصرية”.

وبالإضافة إلى مواجهة شغب الملاعب دعت منظمة إزرفان بدورها، في بلاغ، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى “تحمل مسؤوليتها في محاربة الترويج لخطابات التمييز والكراهية والعنصرية في مختلف الملاعب والبطولات، علمًا أن هذه الشعارات سبق أن تم رفعها في العديد من المباريات وفي القسم الأول للبطولة الوطنية الاحترافية دون أي عقاب”.

وكانت من أبرز المباريات التي شهدت ترديد “الشعارات العنصرية والعرقية”، من قبيل “ريح ريح أداك الشليح”، تلك التي جمعت في أكتوبر 2022 فريقي الرجاء الرياضي وحسنية أكادير، في إطار منافسات البطولة الوطنية الاحترافية، وتلتها مقاضاة الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية رئيس فريق الرجاء ومشجعين تلفظوا بها ضد جماهير فريق الحسنية.

ورغم أن حقوقيين يؤكدون أن “حالات ترديد الهتافات العنصرية في الملاعب المغربية تبقى شاذة وقليلة جدًا” فإنهم يعتبرون أنه “يتعين لأجل محاصرة هذه الممارسة، المنافية لحقوق الإنسان ولقيم كرة القدم، المزج بين إنزال العقوبات في حق المشجعين الذين يرتكبونها، والتوعية والتحسيس بخطورة مثل هذه الممارسات، خصوصًا لفائدة القاصرين الذين يشكلون نسبة مهمة من مشجعي الفرق الرياضية”.

الزجر والتوعية

عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، رفض “تحويل مدرجات ملاعب كرة القدم إلى منصات لترديد الشعارات العنصرية بين الفرق المغربية، في وقت تتوخى هذه الرياضة أساسًا إشاعة قيم التسامح والتواصل والحوار بين مختلف الثقافات”، مبرزًا أن “مسؤولية محاربة واجتثاث السلوكات العنصرية ضد الأمازيغ أو أي مكون ثقافي آخر في مباريات القسم الأول أو أقسام الهواة ملقاة بالدرجة الأولى على عاتق الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم”.

وأوضح تشيكيطو، في تصريح لهسبريس، أن “المغرب صادق على الاتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز العنصري، وكل من الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الإفريقي لكرة القدم يجرمان مثل هذه السلوكات العنصرية ويدعوان إلى التعامل معها بأقصى الصرامة الممكنة”، مردفًا بأنه “على هذا الأساس فإن إلحاق عقوبات زجرية ببعض المشجعين الذين يقدمون على مثل هذه السلوكات ضروري ومهم جدًا، خصوصًا أولئك الذين يندرج خطاب التمييز العنصري في صلب عقيدتهم”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “الجمعيات المغربية المختصة في الدفاع عن حقوق الإنسان بدورها مطالبة بالقيام بواجبها في مؤازرة من يتعرضون لأي ممارسة تمييزية عنصرية داخل ملاعب كرة القدم، في حال طُلب منها ذلك”.

وأكد رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وجود “خطر من تشبع نسبة مهمة من القاصرين ضمن الجماهير المغربية التي تقدم على مثل هذه السلوكات بثقافة الكراهية والعنصرية”، مبرزًا أن “هذا الأمر يفرض على الجامعة والجمعيات الحقوقية والمدنية تنظيم دورات تكوينية من أجل توعية مجموعات مشجعي الفرق الرياضية *Ultras* وجمعيات محبي هذه الفرق بخطورة هذه الأفعال العنصرية، وبأهمية عدم الحياد بالمنافسات الرياضية عن قيمها النبيلة”.

وشدد الحقوقي ذاته على “ضرورة المزج بين المقاربة التوعوية التحسيسية والمقاربة الزجرية؛ لأن الأخيرة تبقى غير كافية لاجتثاث العنصرية من مباريات البطولات المغربية”، شارحًا أنه “قد يتم إيقاف المباراة أو منع الجمهور الذي تبدر منه ممارسات عنصرية من تشجيع فريقه في مباريات أخرى، إلا أن مرتكبي مثل هذه الممارسات قد يرددونها في مباريات لاحقة أو تظاهرات تخص رياضة أخرى، أو في الشارع أو فضاءات عامة أخرى؛ ولذلك فإن التوعية وتحفيز وتشجيع الجماهير على الانتصار لقيم التسامح والتآزر بالملاعب هو ما سيفضي إلى الحد من هذه السلوكات”.

“ليست عنصرية”

عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، تمسك بكون “الشعارات التي رُفعت من قبل جماهير فريق شباب هوارة ضد جماهير أمل تيزنيت تهكمية وليست عنصرية، لأنها لا تنطوي على أي شعور بالتفوق على الآخر الذي يعد شرطًا أساسيًا لتصنيف أي ممارسة أو خطاب على أنه تمييز عنصري”، مسجلًا أن “كلا المدينتين اللتين ينتسب إليهما الفريقان تتميزان بالتركيبة العرقية تقريبًا، وبالتالي من غير الوارد أن يكون غرض هذه الشعارات التقليل من شأن الأمازيغ أو الانتقاص منهم”.

وأكد الخضري، في تصريح لهسبريس، أن “عددًا من مباريات كرة القدم بالبطولات المغربية تشهد رفع مشجعين شعارات تهكمية ضد جماهير الفريق الخصم، تطال أهل بركان وتطوان وفاس وغيرهم، حسب المدينة التي يمثلها الفريق، ولا تقتصر على الأمازيغ وحدهم”، مبرزًا أن “هذه الممارسات تتم عادة من قبل أطفال وشباب يرون في الملاعب الرياضية فرصة للتكتل وإظهار فتوتهم، خصوصًا المدمنين أو المتحدرين من أسر مفككة”.

وزاد الحقوقي ذاته: “على هذا الأساس فإن رفع الشعارات التهكمية بالملاعب، أو حتى ‘البلطجة’ والعنف بشكل جماعي، هي في نهاية المطاف إفرازات لإشكاليات اجتماعية عميقة يعاني منها المجتمع المغربي والأسرة المغربية على وجه التحديد”.

واستدرك الخضري بأن “هذا لا يلغي ضرورة تطبيق القانون ضد رافعي مثل هذه الشعارات التهكمية وإنزال العقوبات اللازمة بهم، ولكن على أساس أن يتم ذلك من باب محاربة شغب الملاعب وليس من باب محاربة العنصرية لأنها غير موجودة أصلًا”، مشيرًا إلى “صعوبة تكييف النيابة العامة رفع هذه الشعارات على أنه جريمة متعلقة بالهتافات العنصرية أساسًا، والقيام بذلك يعد نوعًا من المغامرة”، وفقه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق