ضعف التنسيق النقابي يسائل القدرة على انتزاع مطالب مربي التعليم الأولي

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يبدو أن جميع التنظيمات والهيئات النقابية الممثلة لمربي ومربيات التعليم الأولي عازمة على تصعيد أشكالها الاحتجاجية خلال الأسابيع المقبلة، من أجل انتزاع المطالب التي ترفعها مجتمعة إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وعلى رأسها الإدماج في الوظيفة العمومية، وتحديدًا في أسلاك التعليم الابتدائي، ورفع الأجور، وإنهاء التدبير المفوض للمؤسسات والجمعيات المحلية، مع دفعها إلى حين ذلك إلى “إرجاع المطرودين والكف عن الممارسات التعسفية في حق ذوي الانتماء النقابي”.

غير أن تساؤلات كثيرة ما فتئت تُطرح من قبل مربي ومربيات التعليم الأولي تحديداً حول أسباب “ضعف” التنسيق بين التنظيمات النقابية في الترافع عنهم أمام الوزارة والمؤسسات الكبرى المدبرة للقطاع: المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، والفيدرالية المغربية للتربية والتعليم الأولي والرياضة، إلى جانب مؤسسة زاكورة للتربية، خصوصًا على مستوى الوقفات الاحتجاجية التي يتم تسطيرها في هذا الصدد، وكذلك ما إذا كانت لهذا “الضعف” تأثيرات على مستوى القوة التفاوضية للتنظيمات النقابية ومدى تجاوب الوزارة والمؤسسات مع ملفها المطلبي.

وتعد اللجنة الوطنية لمربي ومربيات التعليم الأولي التابعة للجامعة الوطنية للتعليم (FNE)، والنقابة الوطنية لمربي ومربيات التعليم الأولي المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، من أبرز تنظيمات المهنيين نشاطًا؛ كما أنهما تحظيان بتمثيل واسع على المستوى الإقليمي، مقارنةً بالاتحاد المغربي للشغل (UMT)، الذي لا يمتلك سوى مكتبين إقليميين لمربيات ومربي التعليم الأولي.

ووسط إقرار اللجنة والنقابة بغياب التنسيق بينهما، وتباين تصريحاتهما بشأن “تلقي الأخيرة دعوة من الأولى لحضور الوقفة الوطنية الاحتجاجية التي نظمتها اللجنة في أكتوبر الماضي”، يبرز اختلافهما في تقدير تبعات هذا الغياب؛ فبينما يؤكد الفاعلون النقابيون باللجنة أنه “من العوامل المساهمة بلا شك في إضعاف القوة التفاوضية للمهنيين أمام الوزارة والمؤسسات سالفة الذكر” يقلل آخرون بالنقابة من شأنه، ويدفعون بـ”استحالة التنسيق مع اللجنة لأنها ليست نقابة ولا تتوفر على مكتب وطني”.

ضعف ومحاولات للاستدراك

يونس رزقي، المنسق الوطني للجنة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي، أقرّ بأن “ضعف التنسيق بين الهيئات النقابية للمربين على مستوى تسطير الأشكال الاحتجاجية يضعف موقفها التفاوضي بشأن الملف المطلبي الموحد لها أمام وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والمؤسسات الرئيسية المتدخلة في تدبير القطاع، وعلى رأسها المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، ومؤسسة زاكورة للتربية، والفيدرالية المغربية للتربية والتعليم الأولي”.

وأشار رزقي، في تصريح لهسبريس، إلى أن “اللجنة حاولت ومازالت تحاول استدراك هذا الضعف من خلال دعوتها في جميع البيانات التي تصدرها مختلف الهيئات النقابية لمربي ومربيات التعليم الأولي إلى الالتفاف والتنسيق، لاسيّما أن المطالب التي تخرجها للاحتجاج واحدة، على رأسها إلغاء التدبير المفوض، والإدماج في الوظيفة، والزيادة في الأجور؛ فضلاً عن أن كل هذه الهيئات تشتكي من الطرد التعسفي لعدد من منتسبيها، كردٍّ على انتمائهم النقابي”.

وتفاعلًا مع سؤال للجريدة عن وجود تواصل مباشر بين اللجنة وهذه الهيئات لفت المتحدث إلى “وجود صعوبة في القيام بهذا الأمر، لأن اللجنة وحدها الممثلة بكافة أقاليم المغرب عبر مكاتب إقليمية، بخلاف تمثيليات نقابية أخرى، خصوصًا الاتحاد المغربي للشغل الذي يمتلك مكتبين إقليميين فقط للمربين، هما مكتب المحمدية ومكتب زاكورة”.

وتابع الفاعل النقابي ذاته: “خلال إعدادنا للوقفة الوطنية التي نظمناها في 21 أكتوبر الماضي تواصلنا مع النقابة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي من أجل المشاركة، ورغم وعدها بدراسة هذه الدعوة فإننا لم نتلق منها أي رد، ولم تشارك بالتالي في الوقفة”.

وحول إمكانية مشاركة اللجنة في “الوقفة الوطنية التي دعت إليها النقابة سالفة الذكر في 10 دجنبر المقبل” أوضح رزقي أنه “إلى حدود الساعة لم تتلقَّ الكتابة التنفيذية للجنة أي دعوة من طرف النقابة”، مردفًا: “سندرس إمكانية المشاركة على مستوى أعضاء الكتابة التنفيذية للجنة في حال تلقينا هذه الدعوة”، مستدركًا بأن “التنسيق يجب أن يكون أساسًا قبل إصدار البيان (بيان الوقفة)؛ بحيث يتم التشاور حول نقاط الملف المطلبي، وتحديد موعد موحّد يناسب لهذا الشكل الاحتجاجي ويتماشى مع أجندة جميع النقابات”.

إشكاليات تكبح التنسيق

لمياء حمران، الكاتبة الوطنية للنقابة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي (CDT)، شددت على أنه “لا يمكن للنقابة، حاليًا، التنسيق مع اللجنة الوطنية سالفة الذكر لأن الأخيرة لا تتوفر على مكتب وطني يمكن التواصل معه وتوجيه مراسلات إليه، بخلاف النقابة”، مضيفة: “هذه اللجنة، من الناحية القانونية، تبقى تابعة من حيث قراراتها للجامعة الوطنية للتعليم، وهي تتوفر على منسق وليس كاتب وطني يمكن من الناحية الإدارية التنسيق معه بشأن الترافع عن الملف المطلبي”.

وأوضحت حمران، في تصريح لهسبريس، أن “اللجنة الوطنية نظمت وقفة وطنية احتجاجية أمام مقر الوزارة الوصية في أكتوبر الماضي، دون أن ينسق قياديوها مع النقابة أو يوجهوا لها دعوة”، نافية ما ورد على لسان رزقي بشأن “وجود تواصل مع النقابة في هذا الشأن”، وقالت: “لم يفاتح الكتابة الوطنية أي ممثل عن اللجنة، سواء عبر البريد الإلكتروني أو في مكالمة هاتفية بخصوص هذه الوقفة”، مردفة بأنه “كان من المفروض، بما أن النقابة تشتغل كإدارة، أن تُوجَّه الدعوة إليها عبر مراسلة كتابية أو من خلال البريد الإلكتروني، لا أن يتم الاكتفاء بوضع بلاغ على مواقع التواصل الاجتماعي يوجه فيه دعوة مفتوحة لجميع النقابات؛ فهذا ليس تنسيقًا”.

وقللت الكاتبة الوطنية للنقابة الوطنية لمربيات ومربي التعليم الأولي من التأثيرات المحتملة لـ”غياب التنسيق بين الأخيرة واللجنة” على منسوب التجاوب معهما من قبل الوزارة والمؤسسات الكبرى المتدخلة في تدبير القطاع، موردة أن “النقابة لديها تواصل دائم مع كافة هذه المؤسسات، وهي تحرص على الإنصات إليها والتجاوب مع جميع مشاكلها”.

وأوردت المتحدثة ذاتها في هذا الصدد أنه “منذ تأسيس النقابة سنة 2021 أرجعت المؤسسة المغربية للتعليم الأولي 8 مطرودين منتسبين لها، ومؤسسة زاكورة للتربية 13 مطرودًا، والفيدرالية 4 مطرودين”، متسائلة عن “سبب عدم استقبال المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي ممثلين داخل اللجنة من أجل إرجاع المربين المطرودين المنتسبين إليها، رغم استمرار الاعتصام الذي تخوضه إحدى المعنيات (صباح نشوان) أمام مقر المؤسسة لأسابيع”.

وأفادت حمران، بخصوص دعوات الحوار التي ترفعها جميع الهيئات الممثلة للمهنيين إلى الوزارة الوصية، بأن “الوزير لا يجلس إلى طاولة الحوار مع نقابات التعليم مجتمعة، بل مع كل واحدة منها على حدة، والأمر نفسه يمكن أن يفعله مع ممثلي مربي التعليم الأولي”، مستدركة بأنه “أساسًا لا يمكن أن يكون هناك تنسيق مع طرف لا يتوفر على مكتب وطني للتفاوض مع الوزارة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق