بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في كلمة له على هامش استضافة المغرب للخلوة السنوية لمجلس حقوق الإنسان للتشاور بشكل غير رسمي بشأن تطوير آليات عمل هذا المجلس الأممي، إن “انعقاد هذه الخلوة يأتي في سياق ظروف دولية سمتها الأبرز التوتر وتزايد الصراعات المسلحة وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان وتصاعد خطاب الكراهية والتمييز العنصري. كما تأتي في سياق دولي تفاقمت فيه الأزمات والإكراهات الناجمة عن التطور التكنولوجي، وكلها تحديات تعيق تحقيق مبدأ شمولية حقوق الإنسان”.

وأضاف بوريطة، في كلمته أمام فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان، وعمر زنيبر، الرئيس الحالي لمجلس حقوق الإنسان الأممي، إلى جانب ممثلي عدد من الدول والمنظمات، أن “هذا الواقع الدولي الجديد يستدعي من مجلس حقوق الإنسان تجاوبًا فاعلًا وآنيًا، بل واستباقيًا، مع ما يقتضيه ذلك من تطوير آليات مبتكرة كفيلة بمواكبة الجهود الأممية الرامية إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة للجميع. ذلك الطموح ألهم الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان خلال ولايتها الحالية، وهو الطموح ذاته الذي تنعقد في إطاره هذه الخلوة”.

وأكد المسؤول الحكومي ذاته أن “استضافة المغرب لهذا الاجتماع ليست من قبيل الصدفة؛ بل هي تعبير عن تقدير دولي للجهود التي تبذلها المملكة المغربية عبر التزامها الراسخ بمبادئ حقوق الإنسان. وهو الالتزام الذي أكد عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الرسالة الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الدولية التي احتضنتها الرباط بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وشدد على أن “المقاربة الملكية في هذا الإطار هي التي أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في مجال تعزيز حقوق الإنسان، وهي مقاربة تنبني على أسس واضحة ومستقرة. أولها التملك والخيار الإرادي عبر قرارات ومبادرات شجاعة كإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة التي يخلد المغرب هذه السنة ذكراها العشرين، والتي كانت تجربة نموذجية في مجال العدالة الانتقالية”.

أما الأساس الثاني، أضاف المتحدث ذاته، فهو “التطلع المغربي المستمر إلى التوفيق بين حقوق الإنسان من جهة، والخصوصيات الوطنية من جهة أخرى. ولعل التوجيهات الملكية المؤطرة لإصلاح مدونة الأسرة ومراجعة مقتضياتها خير مثال على تشبث المغرب بالتوفيق بين قيم الإسلام السمحة والقيم الكونية المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة”.

وتابع بأن “الأساس الثالث يتمثل في العزم الدائم على النهوض الشامل بحقوق الإنسان، السياسية منها والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى الاستناد إلى مقاربة تشاركية تجعل كافة أطياف المجتمع المغربي وقواه الحية فاعلة في ترسيخ مكتسبات الجيلين الأول والثاني من حقوق الإنسان والانفتاح التدريجي على الجيل الثالث من هذه الحقوق. كما يتجلى ذلك في مسار مراجعة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة بصيغتها الأولى في أفق 2030”.

وبالموازاة مع المنجزات المحققة على هذا المستوى، أكد الوزير أن “ثوابت هذه المقاربة الملكية ظلت هي المحور الأساسي لمساهمة المغرب البناءة في تطوير المنظومة الدولية لحقوق الإنسان. ومن الأمثلة على ذلك سعي المغرب إلى بناء توافقات حول القواعد الأساسية لعمل آليات مجلس حقوق الإنسان وآلية الاستعراض الدوري الشامل، التي كان للمغرب دور محوري في بلورة قرار إحداثها في سنة 2007 ومسلسل مراجعتها في سنة 2011، وكذا التفاعل الدائم للمغرب مع هذه الآليات من خلال استقباله لاثنتي عشرة زيارة للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، مما يضعه في صدارة الدول التي خضعت للفحص في إطار آليات الاستعراض الدوري الشامل”.

في سياق مماثل، أشار المتحدث ذاته إلى “المساهمة العملية للمغرب في تطوير أجندة عمل مجلس حقوق الإنسان من خلال التنزيل الفعلي للإجراءات التي تهم التحديات المختلفة، الملحة والمستجدة، كالبيئة والتكنولوجيات الحديثة والوقاية من التطرف ومحاربة خطاب الكراهية والتربية على حقوق الإنسان ومحاربة الفساد. وأخيرًا، احتضان المغرب لمسارات دولية محورية في هذا المجال، كخطة عمل الرباط لسنة 2012 بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية، وإعلان مراكش حول حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، وخطة عمل فاس حول دور الزعماء الدينيين في الوقاية من التحريض على العنف”.

وبيّن أن “خلوة الرباط” تشكل “فرصة لفتح نقاش مسؤول حول إشكالات جوهرية تهم حاضر ومستقبل منظومة حقوق الإنسان، في سياق نلاحظ كلنا وقعه على المنظومة، ونشهد فيه تصدع التوافقات الدولية حول قضايا حقوق الإنسان، وتراجع قدرة المنتظم الدولي على إنتاج قواعد ومعايير جديدة متوافق بشأنها في مجال حقوق الإنسان. كما نقف جميعًا اليوم على الثمن الذي تدفعه المنظومة الحقوقية الدولية جراء التقاطبات التي توتر العلاقات الدولية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق