أعاد كشف الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي ارتفاع عدد الرخص التي منحتها لزراعة هذه النبتة إلى 3371 رخصة خلال سنة 2024، رفع مزارعين وناشطين مواكبين لورش التقنين مطلب توسيعه ليشمل تشريع الاستهلاك الترفيهي والتقليدي لـ”الكيف”، نظرا لكون هذا الارتفاع يطرح إشكالية تصريف جميع المحاصيل في ظلّ “عدم كفاية” عدد المستثمرين في أنشطة تحويل القنب الهندي إلى أدوية ومكملات غذائية ومنتجات صناعية.
وأشار المزارعون والناشطون الذين تحدثوا لهسبريس إلى أن “عددا من الفلاحين يجدون صعوبة في بيع محاصيلهم حاليا بسب ندرة الشركات المصنعة، ما يدفع آخرين إلى الإحجام عن الانخراط في ورش التقنين من الأساس”، مؤكدين أن “اتحاد كثرة العرض (وفرة المحصول) وتواضع الطلب (قلة المستثمرين)، جعل الأثمنة التي يتم بها تسويق القنب الهندي لبعض المستثمرين غير كافية، حيث تصل أحيانا إلى 80 درهما فقط للكيلوغرام الواحد”.
تصريف المحصول
فريد أحيثور، رئيس تعاونية “تيزي إفري كوب” لزراعة “النبتة البلدية” بجماعات منطقة صنهاجة الريف بإقليم الحسيمة، قال إن “ارتفاع أعداد الفلاحين المنخرطين في ورش تقنين هذه الزراعة سيثير إشكالية توفّر العدد الكافي من المستثمرين الذي يسمح بتصريف منتجات هؤلاء”، مفيدا بأنه “في الوقت الحالي، هذا العدد قليل جداً ولا يفي بالاحتياج المطلوب؛ بحيث إن عددا مهمّا من مزارعي الكيف المقنن لم يبيعوا محاصيلهم بعد نظرا لهذه الإشكالية”.
وأضاف أحيثور، في تصريح لهسبريس، أن “ما يصل إلى 50 في المئة من مزارعي مناطق القنب الهندي لم ينخرطوا بعد في ورش التقنين، آملين المزيد من تطوير هذا الورش ليشمل تشريع الاستهلاك الترفيهي والتقليدي لهذه النبتة”، مؤكداً أنه “في نهاية المطاف، فإنه حتى ولو توفّر 700 مستثمر في صناعة تحويل البلدية إلى منتجات طبية وغذائية، فإنهم لن يكونوا قادرين على شراء محاصيل كافة مزارعي مناطق الكيف الشاسعة”.
وسجّل المصرّح عينه أن “وفرة محصول القنب الهندي وندرة المستثمرين يجعلان ثمّن تسويق البلدية منخفضا؛ إذ يُباع الكيلوغرام الواحد منها للمستثمر بـ80 درهماً فقط، ما لا يسمح بتوفير مدخول محترم للفلاح من هذه الزراعة في الوقت الحالي”.
وعدّ رئيس تعاونية “تيزي إفري كوب”، التي تضم 50 مزارعا للقنب الهندي، أن “من شأن تشريع المنتجات الترفيهية لهذه النبتة أن يحل هذه الإشكاليات ويُساهم في تنمية مداخيل الفلاحين من زراعتها”، مُسجّلا أن “المغرب المقبل على تنظيم كأس العالم، يتعّين عليه التفكير جدياً أين سيقوم الزوار الذين سيفدون من إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية بتدخين القنب الهندي في غياب الأماكن المرخّص لها بذلك”.
وسجّل أحيثور أن “من غير المنطقي أن تسبق ست دول في العالم المغرب إلى تشريع الاستهلاك الترفيهي وبيع المنتجات الترفيهية للقنب الهندي، رغم أنه رائد في زراعة هذه النبتة ومنتوجه منها هو الأكثر جودة على مستوى العالم”.
حلحلة الإشكاليات
شريف أدرداك، رئيس المرصد المغربي لتقنين القنب الهندي، قال إن “تزايد أعداد الفلاحين المنخرطين في زراعة القنب الهندي المقننة، يستدعي فتح منافذ أخرى مقننة لتصريف محاصيلهم الزراعية نظراً لأن عدد الشركات المغربية المصنّعة للمنتجات الطبية والصناعية من هذه النبتة غير كافٍ ليتمكن كل الفلاحين من تسويق محاصيلهم”، معتبرا أن “تشريع الاستهلاك الترفيهي عامة، والتقليدي خاصة، سيجعل الفلاحين غير مرتهنين لهذه الشركات لوحدها”.
واستحضر أدرداك بأن “القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي من بين ما اشترطه على تعاونية المزارعين لكي تبدأ عملها أن توقّع عقدا مسبقا مع الشركة التي سوف تشتري منها المنتوج من أجل تحويله إلى أدوية أو مكملات غذائية، وغيرها”، مردفا بأن “هذا الشرط جعل عدة فلاحين يضطرون لعدم الانخراط في ورش التقنين، رغم رغبتهم في ذلك وتأسيسهم تعاونيات، نظراً لغياب المستثمرين الذين سيشترون منهم المحاصيل”.
وأضاف المتحدث لهسبريس أن “من شأن تشريع الاستهلاك الترفيهي والتقليدي أن يحفّز هؤلاء على زراعة القنب الهندي، وكذا يحد من بعض المشاكل التي يجدها مزارعون مع المستثمرين”، مشيرا إلى “الضجة التي راجت على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن اشتكاء فلاحين عدة من تاونات عدم توصلهم بمستحقاتهم المالية من الشركة التي باعوها محاصيلهم من القنب الهندي”.
ولفت إلى أن “مطلب تشريع المنتجات التقليدية والترفيهية للكيف يدعمه كذلك كون الوكالة قامت بتقنين زراعة بذور البلدية التي يتم استعمالها لوحدها في الاستهلاك التقليدي”، مشيرا إلى أن “رؤية المرصد لهذا الموضوع تستحضر وجوب تنظيم هذا الاستهلاك من خلال أماكن محددة لممارسته كما هو الشأن بالنسبة لـ les coffee shopفي هولندا، و les clubs de cannabisفي إسبانيا”.
وذكّر المصرح عينه بوجود “تجربة قديمة للمغرب غير مقننة في هذا الصدد، تتعلّق بمقاهي الكيف في مدن الشمال”، متسائلاً عن “السبب المانع من استثمار هذا التقليد من خلال إنجاز مقاه خاصة بالاستهلاك التقليدي، على أن تكون مراقبة من قبل الدولة بطبيعة الحال؟”.
0 تعليق