حصل الباحث علي حسن أحمد حسن الهواري، المدرس المساعد بكلية الحقوق جامعة القاهرة، على الدكتوراة بامتياز مع مرتبة الشرف في فلسفة العقوبة الجنائية من كلية الحقوق بجامعة القاهرة.
وتشكلت لجنة مناقشة من الدكتورعمر سالم،وزير الدولة لشئون مجلسي الشعب والشورى الأسبق، رئيسًا،و الدكتور السيد العربي حسن، عميد كلية الحقوق، جامعة بدر، مُشرفًا،والدكتور أحمد عبد الحي ديهوم وكيل كلية الحقوق جامعة عين شمس عضـوًا.
وتناولت الدراسة التحديات المتزايدة التي تواجه نظم العدالة الجنائية في العصر الحديث، حيث تتباين الآراء حول فعالية العقوبات التقليدية ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها، في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تؤثر بشكل مباشر على مفهوم العقوبة وطرق تطبيقها وما استتبعه من اتساع في استخدام العقوبة الجنائية، ومد مظلة التجريم لأفعال كثيرة،حيث أفرز هذا التدخل، كمًّا هائلًا من القوانين واللوائح مثَّلت تضخُّمًا تشريعيًّا ينوء به أولو التخصص وباتت معه أيضًا أجهزة العدالة الجنائية ترزح تحت وطأة كم هائل من القضايا والمخالفات التي لا تستطيع الفصل فيها على نحو يسير ومنجز.
كما تناول الباحث التدرج التاريخي لوضع القوانين العقابية، ومدى توافق فلسفة العقاب في العصر الحديث مع القيم والمبادئ الدستورية والإنسانية، وصولًا لتحقيق الضبط الاجتماعي.
وتضمنت الدرسة فصلا تمهيديا وبابين، خُصص الباب الأول منها لدراسة الأساس الفلسفي للعقوبة الجنائية، وخُصص الباب الثاني لبيان تطور فلسفة العقوبة الجنائية في العصر الحديث وأهم الأسباب التي أدَّت إلى هذا التطور وكذلك أهم النتائج المترتبة على تطور فلسفة العقوبة الجنائية في العصر الحديث.
وقد توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج، منها:
أولًا: تباين الأسس الفلسفية للعقوبة الجنائية في العصور المختلفة، واختلفت باختلاف الحضارات؛ حيث تفاوتت فلسفة العقاب وأهدافه طبقًا لرقي هذه المجتمعات وتقدُّمها.
ثانيًا: توصَّلت الدراسة إلى أن استخدام القوة في إنزال العقاب لا يُحقِّق الغاية من العقوبة، في حين أن مراعاة الجوانب الاجتماعية والإصلاحية في تطبيق العقوبات هو ما يحقق عملية الضبط الاجتماعي، ويؤدي إلى إصلاح المجرم وتأهيله وعلاجه.
ثالثًا: هناك العديد من المثالب التي تخلِّفها العقوبة الجنائية بمفهومها التقليدي على الأفراد والمجتمعات، ولا بدَّ من تطبيق الفلسفة الحديثة في العقاب التي تهدف إلى الحدِّ من العقوبات السالبة للحرية.
رابعًا: أثَّرت التغيرات الاجتماعية التي لحقت بالمجتمع على فلسفة العقاب وطرق تطبيق العقوبة؛ حيث أفرزت أنماطًا جديدة من العقوبة تتماشى مع الهدف الإصلاحي والعلاجي للعقوبة.
وانتهت الدراسة إلى عدد من التوصيات،التي تفيد في تحقيق الغاية من العقاب، وتساعد السياسة الجنائية في ممارسة عملية الضبط الاجتماعي بما يحقق توازن المجتمع؛ من هذه التوصيات ما يلى:
أولًا: ضرورة إعادة تقييم السياسات الجنائية، ومراجعة الأنظمة العقابية الحالية لتكون أكثر توافقًا مع الأهداف الإصلاحية للعقوبة، وذلك بما يتماشى مع التطورات التي تطرأ على المجتمع وتتأثر بها فلسفة العقاب، فمن الضروري إعادة النظر في بعض النصوص القانونية نظرًا لعدم ملاءمتها للوقت الراهن، لاسيما النصوص القانونية التي صدرت منذ أمد بعيد يربوا على سبعين عامًا أو يزيد، وهذه الفترة قد تخلَّلتها مستجدات ومستحدثات تُوجِب إعادة النظر في نصوص هذه المواد.
ثانيًا: التوسع في نظام التفريد العقابي، نظرًا لما يحققه من مزايا؛ نتيجة فَصْل المجرمين الخطيرين المعتادين على الإجرام، عن المجرمين المحكوم عليهم في الجرائم التي لا تمثل خطورة إذا ما قورنت بغيرها.
ثالثًا: ضرورة التوسع في استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة في تطبيق العقوبة، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة التي تُيسِّر سُبل تطبيق العقاب بما يحقِّق الهدف منه، ويؤدى إلى توفير النفقات المادية وكذلك الطاقة البشرية التي تهدر في تنفيذ العقوبات بالشكل التقليدي.
رابعًا: العمل على إنشاء مراكز بحوث متخصصة تهتمُّ بالتخطيط الإستراتيجي للسياسات العقابية، حتى تتم مواجهة الجرائم المستحدثة ووضع إستراتيجية تجابه هذه الجرائم، مع الاعتماد على العلوم المساعدة للسياسة الجنائية التي تقوم بإجراء البحوث العلمية والإحصاءات اللازمة للوقوف على فاعلية العقوبات وتنفيذها بطريقة معينة لتحقيق أغراض العقوبة.
خامسًا: يهيب الباحث بالسلطات التشريعية المختصة، إنشاء جهاز يتولى رصد وقياس أثر القوانين العقابية على أرض الواقع ومدى تحقيقها لأهدافها، نظرًا لما وصلت إليه النظم القانونية من تضخم تشريعي، هذا التضخم جعل الكثير من القوانين تدخل في دائرة النسيان وعدم التطبيق حقيقة على أرض الواقع، فضلًا عن الصعوبات التي تواجه رجال القانون في ملاحقة هذه النصوص والتعرُّف على أحكامها وبيان كنهها، واستجلاء النصوص المطبقة والنصوص الموقوفة منها، فلا يكفي دور هذه السلطات في إقرار التشريعات وفقط، وإنما لابد من ممارسة الدور الرقابي المنوط بها بشكل فعَّال، عن طريق قياس أثر القوانين التي تُقرِّها على المجتمع ومدى فاعليتها.
إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق