الفوضى تهدد مستقبل البلاد.. هل تستطيع سوريا الصمود أو تتجه نحو المزيد من العنف والدمار؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في الثامن من ديسمبر، فر الرئيس السوري بشار الأسد من دمشق، مما يمثل الانهيار المفاجئ والصادم لنظامه بعد ١٣ عاما من الحرب الأهلية. ولكن مع امتلاء شوارع دمشق بالحشود، ظهرت حقيقة صارخة: تواجه سوريا الآن التحدي الخطير المتمثل في إعادة بناء نفسها دون الانزلاق إلى الفوضى.

يقول سام هيلر محلل وزميل في مركز مؤسسة سينتشري للأبحاث والسياسات الدولية: الآن بعد رحيل الأسد، يتعين على المجتمع الدولي والسوريين على حد سواء أن يتعاملوا مع سؤال جديد: هل تستطيع سوريا الصمود، أم أنها ستتجه نحو المزيد من العنف والدمار؟

الطريق إلى الانهيار

كان سقوط الأسد سريعًا ولكن لم يكن غير متوقع تمامًا. فقد ظل الصراع راكدًا لسنوات وتفاقم الانهيار الاقتصادي بسبب العقوبات، واستغلت جماعات المعارضة المسلحة الفرصة لشن هجوم حاسم من معقلها في إدلب. وتولت هيئة تحرير الشام، وهي فصيل إسلامي مثير للجدل تطور من فرع تنظيم القاعدة في سوريا، السلطة في دمشق، ونصبت حكومة الإنقاذ التابعة لها كسلطة مؤقتة. ورغم أن زعيم هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني حاول إظهار صورة الاعتدال والسيطرة، فإن كثيرين يتساءلون عما إذا كانت المجموعة لديها القدرة - أو الشرعية - لحكم أمة بأكملها متنوعة ومجزأة مثل سوريا.

يسلط سجل هيئة تحرير الشام في إدلب الضوء على نقاط قوتها وحدودها. في السنوات الأخيرة، جلبت المجموعة النظام النسبي إلى إدلب، مستغلة هيمنتها العسكرية للقضاء على المنافسين وفرض هياكل الحكم. 

إن المهمة التي تنتظر سوريا أعظم بكثير. سوريا ليست إدلب؛ إنها دولة مترامية الأطراف وممزقة يبلغ عدد سكانها ١٧ مليون نسمة، وتعج بالجماعات المسلحة المتنافسة والانقسامات العرقية والطائفية. إن عدد مقاتلي هيئة تحرير الشام البالغ ٣٠ ألف مقاتل غير كاف لفرض السيطرة الوطنية. وعلاوة على ذلك، فإن العديد من فصائل المعارضة التي أعادت تعبئة صفوفها في وسط وجنوب سوريا مستقلة عن هيئة تحرير الشام، مما يزيد من خطر تجدد الصراع بين الميليشيات وانعدام القانون.

وبينما حاولت هيئة تحرير الشام تقديم وجه معتدل لكل من السوريين والمجتمع الدولي، فلا تزال الشكوك قائمة حول صدقها. ومع ذلك، فإن التهديد المباشر الذي يواجه سوريا ليس أيديولوجية هيئة تحرير الشام الإسلامية، بل إمكانية الاقتتال الداخلي الفوضوي وانعدام القانون الذي قد يدمر البلاد أكثر.

مستقبل هش وأزمة متفاقمة

إن آفاق سوريا بعد الأسد قاتمة. لقد تركت سنوات الحرب اقتصاد البلاد وبنيتها التحتية في حالة خراب. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ٧٠٪ من السوريين - ١٦.٧ مليون شخص - يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، مع انعدام الأمن الغذائي الذي يعاني منه ما يقرب من ١٣ مليون شخص. وانهارت الخدمات العامة، وانتشر نقص الكهرباء على نطاق واسع، ولا تزال السلع الأساسية نادرة.

إن قدرة هيئة تحرير الشام على الحكم سوف تعتمد بشكل كبير على الدعم الأجنبي، ومع ذلك تظل الجماعة مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة، مما يعقد آفاق المساعدات الدولية. ومن غير المرجح أن تقدم إيران وروسيا، حليفتا الأسد السابقتان، مساعدة ذات مغزى في حين تكافحان مع أعبائهما الاقتصادية والعسكرية.

وفي هذا الفراغ، قد يؤدي اليأس الاقتصادي إلى تأجيج المنافسة بين الجماعات المسلحة في سوريا للسيطرة على الأراضي والموارد. وقد يؤدي الاقتصاد غير المشروع - بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والسوق السوداء - إلى تفاقم العنف مع تنافس الفصائل على الهيمنة.

الهجرة والتداعيات الإقليمية

بعيدًا عن تمهيد الطريق لعودة اللاجئين السوريين، فإن سقوط الأسد قد يشعل موجة جديدة من الهجرة. بالنسبة لملايين النازحين السوريين، فإن نهاية النظام لا تضمن السلامة أو سبل العيش. فبدون الأمن والوظائف والخدمات العامة العاملة، تظل العودة إلى الوطن حلمًا مستحيلًا.

إن جيران سوريا، وخاصة تركيا ولبنان والأردن، يواجهون ضغوطا متجددة مع امتداد عدم الاستقرار عبر الحدود. ولا تزال تركيا، التي تمارس نفوذها على العديد من فصائل المعارضة، منشغلة باستهداف القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا. وفي الوقت نفسه، صعدت إسرائيل من هجماتها داخل سوريا، مما أضاف إلى التقلبات.

إن مشاركة المجتمع الدولي ستكون حاسمة في منع تفكك سوريا. وبدون جهد منسق لتحقيق الاستقرار في البلاد وتوفير الإغاثة الاقتصادية، تخاطر سوريا بالتحول إلى دولة منهارة، مما يغرق المنطقة في حالة أعمق من عدم الاستقرار.

اختبار للمجتمع الدولي

يؤكد سام هيلر على إلحاح اللحظة: إن نجاح سوريا أو فشلها يهم الجميع. إن الانتقال السلمي الشامل ضروري، ولكن تحقيقه سيكون تحديا هائلا. ويتعين على المجتمع الدولي أن يرتقي إلى مستوى الحدث، فيعرض الدعم الإنساني، ويشجع المصالحة، ويعطي الأولوية لاستقرار سوريا على الانقسامات السياسية.

في حين تثير قيادة هيئة تحرير الشام مخاوف مشروعة، فإن الأولوية الفورية هي منع سوريا من الانهيار. وإذا انزلقت البلاد إلى الفوضى، فإن العواقب ستكون وخيمة.. ليس فقط للسوريين بل للشرق الأوسط بأكمله.

في الوقت الحالي، تقف سوريا عند مفترق طرق. إن ظلال العنف والانهيار الاقتصادي والتدخل الإقليمي تلوح في الأفق. يجب على العالم أن يتحرك بسرعة وحسم لضمان أن يكون الفصل التالي من سوريا فصل التعافي، وليس الخراب.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق