أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، مساء الثلاثاء، أن العقوبات البديلة “ستدخل حيز التنفيذ في شهر غشت من سنة 2025″، مذكّرا بأن “رئيس الحكومة شدد في الاجتماع الذي عقد في هذا الشأن، قبل أسبوعين، على أنه خلال ماي المقبل يجب أن تكون جميع التدابير ذات الصلة، بما فيها إخراج المراسيم التنظيمية، اتخذت”.
وأفاد وهبي، الذي كان يتحدث خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، بتكوين لجنة قال إنه “تشرف” برئاستها، مضيفا :”فرقنا خلالها مجموعة من المهام المرتبطة بهذا الموضوع، وأشركنا معنا صندوق الإيداع والتدبير، والنيابة العامة ورئاسة الحكومة وإدارة السجون”.
وكشف وزير العدل، وهو يجيب عن سؤال لفريق التجمع الوطني للأحرار حول تسريع اعتماد العقوبات البديلة، “وجود تفاوض مع الاتحاد الأوروبي من أجل إنجاز دورات تكوينية للقضاة والموظفين حول العقوبات البديلة، لكي تدخل حيز التنفيذ في شهر غشت”، مشددا على أنه “على الأقل جميع التدابير يجب أن تكون اتخذت في شهر ماي، كي يبدأ تطبيق هذه العقوبات في شهر غشت”.
“المواطن واحترام القضاء”
على صعيد منفصل أكد المسؤول الحكومي ذاته أن “توفير شروط المحاكمة العادلة يبدأ في اللحظة التي يعتقل فيها المتهم، أو يتم توجيه الاتهام إليه، أو عند تقديمه نفسه للشرطة القضائية، وتشمل السلامة البدنية والجسدية والحق في أن يكون له اتصال مع عائلته ومحاميه، إلخ”.
وأضاف وزير العدل في هذا الصدد: “30 إلى 40 في المائة من القوانين تقرر مصير المحاكمة العادلة، لكن ما يثار هنا هو من يقرر تنفيذ نص قضائي على مواطن هل يمتلك القدرة على حمايته؟ لأن المعتقل من يجب توفير الحماية له من طرف القضاء، فالمُطالب بالحق المدني حر وله محاميه”.
اعتبارا لذلك، يردف الوزير، “يتعيّن أن يعطي المواطن قيمة للقضاء ويحترمه، فلا يعقل أن أي مواطن حُوكم يقوم بأخذ الحكم وتوزيعه على مواقع التواصل الاجتماعي، ‘ويبقى يعلّق عليه وهو ما كيفرق بين السياسة الجنائية والتعليق على حكم شخصي’؛ فيرتكب جريمة”، وفقه.
وأشار وهبي إلى أن “همّ ضمانات المحاكمة العادلة تحمله الوزارة بالنسبة للمسطرة الجنائية”، مبرزا أنه “لأجل ضبط من يوجد رهن الحراسة النظرية: متى دخل ومتى خرج؟ قامت الوزارة بوضع سجّل إلكتروني وطني يراقب من طرف النيابة العامة ‘من الفوق حتى التحت’ حول الاعتقال”، بتعبيره.
وبخصوص ترشيد الاعتقال الاحتياطي لفت المتحدث إلى “السوار الإلكتروني”، وكذا “وضع آلية للوقاية من التعذيب، بحيث إذا صرح المعني بأنه تعرّض للتعذيب يجب أن يحال على الطبيب فورا، وإذا رفضت النيابة العامة إحالته يعتبر المحضر باطلا”.
وعاد الوزير للتأكيد على أنه “يجب التعامل بحسن نية مع القضاء؛ فليس من لم يحكم لصالحه، والحكم حقيقة قانونية، يقول ما أراده في القضاء”، مبرزا أن “المشكل الذي يطرح في هذا الموضوع هو الجهل والأمية التي تناقش بها الأحكام”.
“تعويضات السوشيل ميديا”
في موضوع منفصل شدد وهبي على أن من كان ضحية لمن يستعمل وسائل التواصل الاجتماعى في المساس بالأشخاص يتلقى تعويض، ودعا “كل مواطن مغربي ‘قرب ليه’ (مسّه) أحد على هذه المواقع إلى رفع دعوى قضائية ضده ومطالبته بتعويض” مضيفا: “هذا من حق المواطن المغربي: فكرامتك حقك، وسمعتك حقك، لا تدع أحدا يقترب منها”.
وعدّ الوزير ذاته، في جوابه عن سؤال “للاستقلالي للوحدة والتعادلية” بمجلس المستشارين، حول “إستراتيجية الوزارة للحد من جرائم الابتزاز الإلكتروني”، أنه “عندما يصبح كل من قام ‘بتصرف’ على هذه الوسائل متابعا قضائيا، ‘كلشي غيشد الطريق'”، بتعبيره.
وأفاد وزير العدل المستشارين بأن “هذا الموضوع تؤطره اتفاقية بودابست 2″، وزاد: “دخلت إلى ستراسبورغ ووقعت على البروتوكول الاختياري لهذه الاتفاقية”، مضيفا: “قبل ثلاثة أسابيع كنت في مصر، مع نظرائي العرب، فوجدت أن كلهم يشتكون ويرون أنه يجب إيقاف هذه الممارسات عند حدها”.
كما اعتبر المسؤول الحكومي أن “هناك فرقا بين من يتحدث في ‘يوتوب’ والصحافي؛ فالأخير منزه، ويمكن أن يخطأ، لكنه لا يتحامل، ويتحرى عن الجرائم قبل أن ينسبها لشخص معين”، مشيرا إلى أن “هناك أناسا يختبئون في الصحافة، ويرتكبون الجرائم (المعلوماتية) لأجل أخذ الأموال”.
وعلى هذا الأساس قال وهبي: “سنذهب في الإطار التشريعي للعقاب عليه، لحماية المواطن المغربي والمرأة المغربية والثوابت المغربية وأخلاقنا”، مردفا بأنه مع النقد “لكن ليس بسوء نية، ونحن نعرف سوء النية كيف تأتي”، بحسبه.
“الجنائي” يدعم التصالح
متفاعلا مع سؤال حول مآل مشروع القانون الجنائي، طرحه محمد حنين، المستشار عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أكد المسؤول الحكومي ذاته أن “أهمية هذا القانون تكمن في أنه سيعالج ظواهر إجرامية وطنية تطرح إشكالات كبرى، ضمنها قضية العقوبات القاسية أو غير القاسية التي تدخل في إطار السياسة الجنائية ويجب أن ينظمها القانون الجنائي”، مبرزا أنه “في إطار المساطر هناك ما تسمى السياسة الجنائية التصالحية”.
وقدم وهبي أمثلة على هذه السياسة، موردا: “حينما يكون شخصان على خلاف، ويعقد الصلح بينهما، في الوقت الحالي تقول النيابة العامة إنها يجب أن تتابع أحدهما رغم وجود الصلح، في حين أسقطنا المتابعة في هذه الحالة”، متسائلا: “في حال خيانة الأمانة أو اختلاس الأموال من قبل شريك فإذا ردّ الأمانة إلى المتضرر وانعقد الصلح بينهما فلماذا نتوجه للمحكمة؟”، وزاد: “هناك مجموعة من الجرائم التي نعتبر أنه إذا كان فيها التصالح، ولا تمس الدولة في شيء، فلا يوجد داع لعرضها على المحكمة”.
وأشار وزير العدل إلى أن “القانون الجنائي ستصحبه تفاعلات حادة لأنه نقاش مجتمعي في نهاية المطاف”، مضيفا: “طيلة ثلاث سنوات كان النقاش جاريا فيه؛ هل سيظل فيه الإعدام أم لا؟ وكذلك الشأن بالنسبة لقضايا أخرى تهم حياة المواطنين”، راجيا “دعم المستشارين لكي يأتي القانون الجنائي في أقرب وقت من أجل تمريره في هذه الولاية”.
0 تعليق