45% تراجعا فى قيمة الليرة بعد سقوط الأسد
15 مليون سورى الأكثر فقرًا.. والبطالة تتجاوز 25%
سعر صرف الدولار يصل إلى 36 ألف ليرة فى بعض المناطق
تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة من الارتباك عقب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وسيطرة الميليشيات المتطرفة على أجزاء واسعة من سوريا، ويتسم المشهد الحالي بضبابية حول كيفية إدارة شئون البلاد فى ظل هذه الأزمة المستمرة، وسط محاولات النظام الجديد لتسيير حياة الشعب الذى يعاني من تداعيات الحرب، حيث تشير بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة إلى وجود نحو 7 ملايين لاجئ سوري موزعين على 130 دولة.
فعلي مدار العقد والنصف الماضيين والتي بدأت في 2011؛ يواجه الاقتصاد السوري أزمات متلاحقة لم يكد يتعاف منها نظرا للحرب الأكثر عنفا واجهتها البلاد مع ميليشيات داعش بمختلف المناطق السورية وتسببت فى تدمير مقدراته ومصادره.
الليرة تنهار
مع سقوط النظام السورى؛ استمر انهيار العملة الرسمية «الليرة السورية» بأكثر من 45% من قيمتها ليسجل سعر صرف الدولار مقابل الليرة في دمشق نحو 22 ألف ليرة و مناطق أخرى في مدينة حلب بنحو 36 ألف ليرة في الوقت الحالي.
ويتزايد الضغط على الليرة السورية منذ اندلاع الحرب قبل نصف عقد على الأقل وتحديدا منذ 2011؛ لتهوى بأكثر من 140% وسط ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء البلاد، حسبما كشفته تقارير دولية.
ومع استمرار الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد السوري بفعل الحرب وسوء الإدارة، بالتزامن مع نضوب التمويل والمساعدات الانسانية، بعد سلسلة العقوبات الدولية خصوصا الأمريكية، المفروضة على سوريا .
الهروب من الجحيم
تسببت تلك الإجراءات في التأثير على الشعب السوري؛ الذي يواجه بمفرده ارتفاع معدلات التضخم التي كسرت حاجز الـ90% بنهاية العام الماضي ودخول آلاف الأسر في دائرة الفقر المدقع بنسبة ارتفعت عن 90% قبل عامين لنحو 15 مليون مواطن سوري؛ وفقا لتقارير صادرة عن مجموعة البنك الدولي و الأمم المتحدة.
وكشفت التقارير عن أنه يبلغ أكثر من نصف الفقراء في سوريا في مدن حلب وحماة ودير الزور بخلاف حالات النزوح الداخلية للأسر بسبب تفاقم الأوضاع ونقص حاد في المواد الغذائية والأدوية ووسائل الإعاشة بشكل كامل.
تسبب النزوح الكبير للسكان في زحف الفقر والتشرد في جميع أنحاء البلاد، مع تفكك الأسر وانعدام الأمان الذي يجبر الناس على البقاء في ظروف قاسية ومحتملة للخطر، حيث تزيد تلك الظروف السيئة منوتيرة المعاناة الإنسانية، حيث يجد الكثيرون صعوبة في توفير سبل العيش الكريمة للمواطنين وأسرهم وجعلهم في حالة للإغاثة الإنسانية العاجلة والدعم الدولي أيضا.
وحاولت السلطات السورية على مدار الأشهر السابقة حتى مع ارتفاع موجات العنف وسقوط بعض المناطق المحلية في يد الميليشيات المسلحة؛ في تحسين أوضاع الأجور للعسكرين بنسبة 100% والموظفين بالدولة لمواجهة الأعباء المعيشية التي تعاني منها سوريا وما تلاه من هبوط حاد في معدلات النمو وتضرر القطاعات الاقتصادية خصوصا مع رفع الدعم على المحروقات.
ارتفاع البطالة
تسببت تلك الأوضاع حسبما كشفه تقرير مرصد الاقتصاد السوري الصادر عن العام الجاري في ارتفاع معدلات البطالة بنسب كبيرة نظرا لتضرر القطاعات الإنتاجية والتجارية بمعدل تراجع سنوي يقدر بـ1.25% على أساس سنوي.
قالت التقارير إن تداعيات الحرب على سوريا منذ العقد والنصف الماضيين تسببت في اعتماد سوريا على الواردات الغذائية وتدهور إنتاجها الزراعي والصناعي محليا بعد تضرر المدن الصناعية السورية في حلب على وجه التحديد، وعدم قدرات البلاد على امتصاص الصدمات الاقتصادية الأكثر شدة وصعوبة الحصول على المساعدات الإنسانية بفعل التداعيات الإقليمية.
وتسببت الحرب حسبما كشفته التقارير في ارتفاع معدلات الهجرة والنزوح للعائلات السورية إما قسريا بسبب سوء الأوضاع في مناطق الصراع و الهروب للبحث عن فرصة أفضل للحياة خارج البلاد، وهو مارفع نسب البطالة في سوريا إلي أكثر من 25% بواقع 5.7 مليون سوري متعطل عن العمل حسبما قالت بيانات مجموعة البنك الدولي، بالإضافة لما أقره المكتب المركزي للإحصاء السوري في أغسطس الماضي والذي أقر بإرتفاع نسب البطالة في البلاد إلى 23.7% وانخفاض قوة العمل لـ 5.9 مليون طالب عمل.
تكلفة إعادة الإعمار
وأدي استمرار الحرب على مناطق سيطرة الميليشيات والنظام السابق في تدهور البنية التحتية وتدمير كامل لبعض المدن والمناطق السورية خصوصًا مناطق الشمال الغربي في سوريا من بينها حلب وأدلب وحماة.
وكشفت تقارير دولية عن أن تكلفة إعادة إعمار سوريا قد تقترب من تريليون دولار نظرًا للتضرر الذي لحق بجميع أرجاء البلاد، سواء المباني والقطاعات الاقتصادية بسبب الحرب حيث ستكون مخططات إعادة الإعمار على مدى 3-5 سنوات.
أسباب السقوط
وفي تقرير سابق لمجموعة البنك الدولي، وتحديدا في مارس قبل الماضي، والذي تضمن تكلفة إعادة إعمار تصل لنحو 8 مليارات دولار على مدى 3 سنوات، لكن مجموعة البنك استبعدت قدرات سوريا على تحمل تلك التكلفة في ظل اقتصاد متدهور وغير قادر على العودة لمعدلاته الطبيعية على الأقل.
وأرجعت تقارير دولية، أسباب سقوط النظام السابق في سوريا، إلى تدهور أوضاع الاقتصاد السوري على مدار الـ13 عاما الماضية، نظرًا لإفتقاره للتخطيط السليم والكفاءة في إدارته في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية للبلاد مما جعل المدن السورية فريسة سهلة للميليشيات والجماعات المسلحة وتضرر المواطنين البسطاء ومستقبل أسرهم بوجه عام.
وأوضحت التقارير أن الأداء الاقتصادي خلال الـ13 الماضية شهد تدهورًا كبيرًا في الإنفاق الحكومي؛ ليصبح 2.5 مليار دولار في العام الجاري بعد أن كان 14.6 مليار في 2010، وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 85% وانخفاض الإنفاق على المشروعات الانتاجية والتنموية وهو ما رفع من معدلات عجز الموازنة المتوقع لأكثر من 700 مليون دولار خلال العام الجاري.
تغيير الليرة
وفي سياق متصل تردد أنباء في الوقت الحالى لاعتزام الميليشيات المسلحة القائمة على مقاليد الحكم؛ العمل على تغيير العملة السورية «الليرة» لتحل محلها أخرى، بالتزامن مع تعطيل العمل بالدستور الحالى واستبدال علم الجمهورية السورية .
لكن وزير التجارة وحماية المستهلك، لؤى المنجد؛ قال في تصريحات صحفية إن تغيير العملة المحلية «الليرة» هو أمر سياسي في الوقت الحالي مؤكدا أنه مع الانتقال السلمي للسلطة وتأمين مقدرات المواطنين واحتياجاتهم باعتباره التزاما على الحكومة الانتقالية.
وتواجه الليرة السورية في الوقت الحالي، أزمة هبوط غير مسبوقة إذ هوت بمعدلات غير مسبوقة اقتربت من 50% تراجعًا أمام الدولار مع سقوط نظام بشار الأسد.
0 تعليق