تواصل المخرجة اللبنانية الشابة مريم الحاج إثبات حضورها بقوة في الساحة السينمائية العربية من خلال أعمالها التي تجمع بين العمق الإنساني والبعد الاجتماعي، والتي تنال بها إعجاب النقاد والجماهير، مما يجعل اسمها يعود للظهور بقوة مع فيلمها الجديد “مثل قصص الحب” الذي تعيش نجاحه وقدمته للجمهور المغربي ضمن فعاليات الدورة الـ21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
في هذا الحوار الخاص مع هسبريس، تأخذنا مريم الحاج في رحلة إلى داخل كواليس فيلمها الأخير، الذي لا يعتبر مجرد قصة حب تقليدية، بل هو تجسيد عميق لواقع المجتمع اللبناني، تتشابك فيه العواطف الشخصية مع الضغوط الاجتماعية والسياسية التي يعاني منها العديد من أفراد المجتمع في ظل الأزمات التي عاشتها لبنان، وتطلعنا على العوامل التي ألهمتها لصناعة هذا العمل، ونتطرق معها لواقع السينما العربية ومواضيع أخرى.
ماذا تمثل لك المشاركة في مهرجان مراكش بشريطك الجديد؟
أنا سعيدة أن أكون في مراكش، أعرف المدينة لكن هذه أول مرة أشارك فيها في هذا المهرجان الكبير والعظيم؛ لأنه يجمع أشخاصا من السينما مع حضور جمهور كبير جدا. وخلال عرض فيلمي كانت هناك كمية كبيرة من المشاعر؛ لأن هذا اللقاء بيني وبين الجمهور المغربي كان جميلا.
ما الذي ألهمك لإصدار هذا الفيلم؟
“مثل قصص الحب” انطلق التحضير له في نهاية سنة 2017 وجاء نابعا من إحساس الغضب؛ لأنه جاء في فترة كان يعيش فيها البلد مرحلة الوقوف على رجليه من جديد ويخرج من الأزمة، خاصة أننا في لبنان نملك سياسيين ظلوا في الحكم لأكثر من أربعين سنة، وهذا هو الغضب الذي راودني مع وجود أمل كبير وشعب جديد لم يأخذ حقه ويحاول التغيير رغم كل شيء.
هذا الإحساس بالأمل وبالغضب خلق “مثل قصص الحب”.
ما هي التحديات والصعوبات التي واجهتك خلال التحضير للعمل، خاصة في ظل الأوضاع التي كان يعيشها الشعب اللبناني؟
الصعوبة تكمن أن فكرة الفيلم جاءت في مرحلة التغيير والأمل فيه، فكنت أحكي الغضب الذي بداخلي، لكن بلدي ذهب في منحى آخر فكانت هناك ثورة ثم واقعة انفجار مرفأ بيروت ومررنا بفترات صعبة فخسر الشعب اللبناني أمواله المودعة في البنوك، وهذه واحدة من الصعوبات.
ثانيا، أنا كنت أشتغل على فيلم به شخصيات تتغير حياتها وكل يوم كانت حياتي أنا تتغير، فكان هناك تساؤل حول كيفية التأقلم واستكمال المشوار والإيمان بأن السينما لها أهمية كبرى.
الشعب اللبناني معروف بالفرح في عز الأزمات، فهل ألهمك ذلك لاختيار عنوان الشريط؟
الشعب اللبناني محب للحياة وينتصر على الأزمات. لذلك، عندما كنت أشتغل على الفيلم عرفت أنني سأتحدث عن علاقتنا بالبلد، وهي علاقة حب كبير وغضب كبير أيضا، وهذا الإحساس يراود كل لبناني داخل وخارج البلد.
هناك جملة تقولها واحدة من الشخصيات في الفيلم “جومانا” بعد الانفجار بالمرفأ، هي: “هذا البلد مثل علاقة الحب”، لذلك يلزمنا في كل مرة أن نؤمن بأن العلاقة القادمة ستكون أحسن، وإن شاء الله ستكون كذلك”.
كيف تغير تطور الصناعة السينمائية في المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة؟
صراحة لا أعرف كيف ظلت الشعوب، وضمنها الفنانون، تقدم أفلاما وتطور حالها إلى هذه الدرجة في الوقت الذي تعيش فيه البلاد العربية مشاكل كل يوم وليس لديها دعم للسينما، على غرارنا في لبنان، ومصر كذلك لا تتوفر على دعم لكن تقدم لنا أفلاما سينمائية كبيرة وأعمالا جمة.
ما رأيته هنا بالمغرب أن هناك عددا هائلا من الأفلام القادمة من المشرق ومن المغرب، لذلك أرى أن هناك حكايات كثيرة تروى، والسينمائيون يعرفون إخراج الأحاسيس والنبش في العمق الإنساني.
ما هو الدور الذي تلعبه السينما في تعزيز القضايا الإنسانية في المجتمعات العربية؟
أعتقد أنه في بلادنا نحن دائما يدهشنا كل شيء لكي لا نحكي عن القصص وأحيانا ننسى ونقول إن الحديث عن ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي يعني أننا قمنا بالواجب، لكن لا نبالي بأن هذه الأخيرة تمحي كل شيء، وهنا يكمن دور السينما في تقديم أرشيف والإخبار وتحليل الرؤية الشخصية التي لا يمكن إيجادها في المواقع.
أنا كل يوم بلبنان أقول لنفسي هذه آخر مرة أقدم فيها فيلما؛ لأن في كل مرة أواجه العذاب فأقول لماذا أعرض نفسي لهذه المعاناة، لكن عندما أقدم أفلامي في الخارج وأرى تفاعل الناس وأفكارهم أرى أنه يلزمني الاستمرار من أجل تغيير ما يتم ترويجه عن موطني في الصحف الغربية.
ما هي مشاريعك الفنية الجديدة؟
لدي أفلام وثائقية سأشتغل عليها، ولدي أيضا فيلم روائي كنت أشتغل عليه من سنة 2018، لكن كل المراحل التي مررنا بها في لبنان جعلتني أؤجله في كل مرة. الآن سأعود لإكماله.
كلمة أخيرة
فهمت خلال عرض فيلمي بالمغرب أننا شعوب قريبة لبعض، فإضافة إلى اللغة والموسيقى، يجمعنا كذلك “حلم عربي” يجب أن نرجع لتذكره وتذكر أننا أقوياء مع بعض، ولا يمكن ذلك إلى مع بعض.
0 تعليق