كتب: محمد مرزوق
حافظ سعر الحديد في مصر على ثباته اليوم، تزامنًا مع استقرار أسعار الأسمنت، حيث سجل متوسط سعر طن الحديد الاستثماري 37588 جنيهًا، وهو ما يشير إلى نوع من الثبات رغم التحديات الاقتصادية. وبالنسبة للأسعار المخصصة للشركات الكبرى، سجل سعر حديد عز 39366 جنيهًا للطن، وهو سعر مرتفع نسبيًا مقارنةً بالمتوسط العام، ما يراه بعض المحللين إشارة إلى استمرار القوة الشرائية لمستهلكي الحديد المتميز.
في حين سجلت أسعار حديد المراكبي وحديد بشاي 41 ألف جنيه للطن، ما يعكس زيادة طفيفة في أسعار هذه الأنواع من الحديد، ربما تعبيرًا عن زيادة التكلفة على الشركات بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام في الأسواق العالمية. بينما سجل سعر حديد العشري 37500 جنيه للطن، فيما بلغ سعر طن حديد الجيوشي ما يقارب 310 آلاف جنيه، في ما يُعد مؤشرًا على تنوع الأسعار بين الشركات المختلفة في السوق المصري.
أسعار الأسمنت: التوازن في وجه التحديات
كما كانت أسعار الأسمنت في مصر على نفس المنوال من الاستقرار، حيث سجل سعر طن أسمنت الرمادي 2912 جنيهًا، في حين سجل سعر طن أسمنت النصر 1960 جنيهًا. كذلك سجل سعر طن أسمنت الشركة العربية 2000 جنيه، بينما سجل سعر طن أسمنت العسكري 1950 جنيهًا، وسعر طن أسمنت السويس 2000 جنيه. هذا الثبات النسبي في الأسعار يمثل مؤشراً على قدرة القطاع على التكيف مع الضغوط الاقتصادية وتلبية احتياجات السوق المحلي، في ظل التوسع المستمر في مشروعات البنية التحتية والمشروعات السكنية.
التحليل الاقتصادي: هل يبقى الاستقرار مستمرًا؟
وفقًا لتقرير صادر عن وكالة “بلومبرغ” العالمية تشير الأرقام إلى أن استقرار أسعار الحديد والأسمنت في مصر قد يكون نتيجة عدة عوامل أساسية، بدايةً من التحسن النسبي في سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، مرورًا بالإجراءات الحكومية المنظمة لسوق البناء، وصولاً إلى احتياطي المواد الخام داخل السوق المحلي. وأشار التقرير إلى أن “الشركات المحلية في مصر بدأت في اتخاذ تدابير لتقليل التكاليف، مثل تحسين تقنيات الإنتاج وتحسين كفاءة خطوط الإنتاج، مما ساعد في التخفيف من تأثير ارتفاع تكاليف المواد الخام التي كانت تؤثر على الأسعار في السنوات الماضية”.
أكد الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي في جامعة القاهرة، في تصريحاته لـ “الأناضول”، أن “استقرار الأسعار لا يعد مؤشرًا على استقرار دائم، حيث يتعين مراقبة تطورات الأسواق العالمية والضغط الاقتصادي الناتج عن التوترات الجيوسياسية”.
وأضاف: “بينما قد يكون هناك استقرار على المدى القصير، إلا أن استمرار ارتفاع تكاليف الشحن والمواد الخام قد يؤدي إلى تقلبات جديدة في الأسعار على المدى المتوسط”.
وفي حديثه لوكالة “بلومبرغ”، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد عبد العال أن “الاستقرار في أسعار الحديد والأسمنت يعد خطوة إيجابية تشير إلى قدرة السوق المصري على التأقلم مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم”. وأضاف أن “التحولات في أسعار المواد الخام على مستوى العالم كانت تؤثر بشكل كبير على تكاليف الإنتاج، لكن استقرار الجنيه المصري أمام الدولار إلى حد ما قد ساعد في تخفيف هذه الضغوط”.
من جهة أخرى أكد الدكتور أحمد هلال، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، أن “هذا الثبات في الأسعار لا يعد بالضرورة استقرارًا طويل الأمد، بل يمكن أن يكون مجرد فترة هدوء في ظل تغيرات السوق العالمية”.
وأضاف: “نحن في انتظار التأثيرات المترتبة على التوترات التجارية بين القوى الكبرى، وإذا ما استمرت أسعار المواد الخام في الارتفاع، فإن السوق المصري سيواجه تحديات جديدة قد تؤثر على استقرار الأسعار في المستقبل القريب”.
نظرة مستقبلية: هل يواصل السوق صموده أمام الرياح العاتية؟
في الوقت الذي يعكس الاستقرار الحالي في الأسعار قدرة السوق على الصمود، يبقى أن نلاحظ أن الأسابيع القادمة قد تشهد تغيرات في سياق تحولات الاقتصاد العالمي. بحسب تقرير صدر عن “رويترز”، من المتوقع أن يشهد القطاع المزيد من التقلبات في الأسعار في ظل استمرار ضغوط التضخم، التي قد تؤثر على أسعار المواد الأولية مثل الحديد والأسمنت، خاصة في حالة استمرار ارتفاع أسعار النفط وتزايد تكلفة الشحن الدولي.
كما يتوقع المحللون أن تكون مشروعات البنية التحتية الكبرى، مثل مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة، المحرك الأساسي الذي سيؤثر في استقرار السوق، إذ يشير بعض الخبراء إلى أن زيادة الطلب على مواد البناء ستظل داعمة لثبات الأسعار في المدى المنظور، خاصة مع ضخ استثمارات حكومية ضخمة في هذا القطاع الحيوي.
في ظل الاستقرار الذي شهدته أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 15 يناير 2025 يظل المستقبل غامضًا، حيث يبقى العالم في حالة ترقب لتطورات السوق المحلية والعالمية. إلا أن المشهد الحالي يبشر ببعض التفاؤل حول قدرة قطاع البناء في مصر على التكيف مع الصدمات الاقتصادية، رغم التحديات الكثيرة. ومع ذلك تظل الأسعار عرضة للتقلبات في المستقبل القريب، مما يجعل الحاجة إلى اتخاذ إجراءات حكومية وتوجهات استراتيجية سليمة أمرًا حيويًا لضمان استقرار السوق.