بينما يلتقط العالم أنفاسه بعد مواجهة جائحة كورونا، تزداد التقارير الواردة من الصين حول ظهور فيروس يُعرف باسم “ميتا نيمو البشري” HMPV. الفيروس، الذي يُعتقد أنه موجود منذ أكثر من 25 عامًا، يعود الآن إلى دائرة الاهتمام بسبب انتشاره الواسع وتصاعد الحالات التنفسية الحادة المرتبطة به. فما حقيقة هذا الفيروس؟ ولماذا يثير قلق العلماء؟
ما هو فيروس ميتا نيمو البشري؟
فيروس ميتا نيمو البشري هو عضو في عائلة الفيروسات المخاطية (Paramyxoviridae)، وهي العائلة التي تضم أيضًا فيروسات الحصبة والنكاف والجهاز التنفسي المخلوي (RSV). تم اكتشافه رسميًا عام 2001 من قِبل علماء هولنديين، لكن الدراسات تشير إلى أن الفيروس كان موجودًا قبل ذلك بعقود، حيث لم يكن يُرصد أو يُشخص بسبب نقص التقنيات المتقدمة،وفقًا لموقع “healthsite”
لماذا لم يُعرف سابقًا؟
في الماضي، لم تكن هناك أدوات تشخيص دقيقة للكشف عن جميع الفيروسات التي تسبب العدوى التنفسية.
كان يتم خلط أعراضه مع أعراض نزلات البرد أو الإنفلونزا، ما جعله غير مميز بين الفيروسات الأخرى.
خصائص الفيروس
يهاجم الجهاز التنفسي العلوي والسفلي.
يتسبب في التهابات تتراوح بين الخفيفة إلى الشديدة، خاصة لدى الفئات الضعيفة صحيًا.
يصيب جميع الأعمار، لكن الأطفال وكبار السن هم الأكثر تأثرًا به.
مدى انتشاره وخطورته
رغم أن HMPV ليس حديث الاكتشاف، إلا أن التقارير الأخيرة من الصين تشير إلى زيادة كبيرة في عدد الحالات التي تعاني من عدوى تنفسية حادة بسبب هذا الفيروس. الانتشار الملحوظ في فصل الشتاء أثار قلق العلماء، حيث يُعتقد أن الفيروس قد يتسبب في موجة صحية جديدة إذا لم تُتخذ التدابير المناسبة.
وفقًا للإحصائيات
يُعتبر HMPV من بين الأسباب الرئيسية للالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية، خاصة عند الأطفال.
يُصاب به أكثر من 5-10% من الأطفال تحت سن الخامسة سنويًا.
يمكن أن تكون العدوى شديدة لدى كبار السن والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.
الأعراض الشائعة لفيروس ميتا نيمو البشري
أعراض الفيروس مشابهة لتلك التي تسببها نزلات البرد أو الإنفلونزا، وتشمل:
1. الحمى.
2. السعال الجاف أو المصحوب ببلغم.
3. صعوبة أو ضيق في التنفس.
4. سيلان الأنف.
5. احتقان الحلق.
6. فقدان الشهية (خاصة عند الأطفال).
7. في الحالات الشديدة، قد يؤدي إلى:
التهاب رئوي.
التهاب الشعب الهوائية.
فشل تنفسي يتطلب تدخلاً طبيًا عاجلاً.
كيف ينتقل فيروس ميتا نيمو البشري؟
مثل العديد من الفيروسات التنفسية، ينتقل HMPV عبر:
1. الرذاذ التنفسي: أثناء السعال أو العطس من الشخص المصاب.
2. اللمس المباشر: عند ملامسة الأسطح الملوثة بالفيروس، مثل مقابض الأبواب أو الهواتف.
3. الاتصال القريب: مع المصابين، خاصة في الأماكن المغلقة والمزدحمة.
الفيروس يُعتبر معديًا، ويزداد خطر انتقاله خلال فصول الشتاء والربيع عندما تكون المناعة منخفضة.
الفئات الأكثر عرضة للخطر
رغم أن الفيروس يمكن أن يصيب الجميع، إلا أن شدة الأعراض تختلف باختلاف الفئة العمرية والحالة الصحية:
1. الأطفال الصغار: بسبب مناعتهم غير المكتملة.
2. كبار السن: خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
3. مرضى المناعة الضعيفة: مثل مرضى السرطان أو المصابين بأمراض مناعية.
4. الأشخاص المصابون بأمراض تنفسية مزمنة: مثل الربو أو الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
الإجراءات الوقائية: كيف نحمي أنفسنا؟
حتى الآن، لا يوجد لقاح محدد أو علاج مضاد للفيروس. تعتمد الوقاية على الالتزام بالتدابير الصحية الأساسية التي أثبتت فعاليتها في الحد من انتشار الفيروسات التنفسية الأخرى. تشمل هذه الإجراءات:
1. غسل اليدين بالماء والصابون بانتظام.
2. تجنب ملامسة الوجه (العينين، الأنف، الفم) بأيدٍ ملوثة.
3. تغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس باستخدام منديل أو الكوع.
4. تطهير الأسطح المشتركة بانتظام.
5. ارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة، خاصة خلال فصول الشتاء.
6. تجنب الاختلاط بالأشخاص المصابين بأعراض تنفسية.
التحديات والجهود العالمية
رغم أن فيروس HMPV لم يصل بعد إلى مستوى التهديد العالمي الذي يشبه كوفيد-19، إلا أن العلماء يراقبونه عن كثب. منظمة الصحة العالمية توصي بزيادة الرقابة على الفيروسات التنفسية لتحليل سلوكها وتحديد مدى قدرتها على الانتشار أو التحور.
الخطوات الحالية التي تتخذها الصين والدول الأخرى تشمل:
1. تحسين التشخيص المبكر للحالات.
2. مراقبة تطور الفيروس.
3. تعزيز توعية الأفراد بالإجراءات الوقائية.
هل يشكل فيروس ميتا نيمو البشري تهديدًا عالميًا؟
حتى الآن، لم تظهر دلائل تشير إلى أن HMPV قد يتحول إلى جائحة عالمية مثل كوفيد-19، لكن التجربة الأخيرة مع كورونا جعلت العالم أكثر يقظة. سرعة استجابة الحكومات والهيئات الصحية ستكون العامل الحاسم في احتواء أي تفشٍ واسع النطاق.