عيد الميلاد المجيد في المنيا «طعم تاني».. احتفالات تبعث برسائل المحبة والسلام بالكنائس

عيد الميلاد المجيد في المنيا «طعم تاني».. احتفالات تبعث برسائل المحبة والسلام بالكنائس

تقرير: محمد مرزوق

شهدت محافظة المنيا، صباح أمس الاثنين، وفي تقليد يتكرر سنويًا، احتفالات مهيبة بعيد الميلاد المجيد، الذي يحتفل به الأقباط الأرثوذكس في السابع من يناير، وسط حضور جماهيري واسع وأجواء تمزج بين الفرح والروحانية، تجلت هذه المناسبة كإحدى أبرز المحطات في التقويم القبطى، حاملة معها رسائل تسامح وأمل، في مشهد يعكس روح الوحدة الوطنية بين أطياف المجتمع المصري.

قداسات تمتزج بالخشوع والجمال

بدأت الاحتفالات في الساعات الأولى من صباح اليوم، حيث امتلأت الكنائس الكبرى في المحافظة بالمصلين الذين تدفقوا منذ الفجر.

أبرز هذه الكنائس كانت كنيسة مار جرجس وكنيسة السيدة العذراء، اللتان استقبلتا آلاف المصلين الذين اجتمعوا لأداء صلوات قداس الميلاد، وسط ترتيبات تنظيمية مشددة وأجواء تسودها مشاعر الخشوع والإيمان.

وفي خطبته خلال القداس الرئيسي، قال الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا وأبو قرقاص: “ميلاد المسيح هو ميلاد السلام والمحبة، ودعوة لكل فرد في هذا الوطن أن يسهم في بناء مستقبل تسوده الرحمة والتسامح”.

طقوس فريدة تحيي الروحانية القبطية

الطقوس التي ترافق عيد الميلاد المجيد تتميز بجمالها وعمقها الروحي، وبدأ الاحتفال بالصوم الكبير الذي يمتد 43 يومًا قبل العيد، وينتهي بتناول “فطور الميلاد”، الذي يتضمن أطعمة تقليدية تقدم للعائلات والجيران كرمز للتشارك والمحبة، كما تعلو أصوات الجوقات الكنسية بترانيم خاصة بالمناسبة، منها “المجد لله في الأعالي”، التي تملأ الأجواء بالبهجة والإيمان.

كما تخللت الاحتفالات صلوات خاصة لذكرى ميلاد المسيح، حيث تمت قراءة مقاطع من الإنجيل المقدس تحكي قصة الميلاد في مغارة بيت لحم. وألقى عدد من الكهنة عظات ركزت على أهمية الاحتفال كرسالة عالمية تدعو إلى التآخي ونبذ الكراهية.

الاحتفالات تتوسع خارج الكنائس

امتدت مظاهر الاحتفال لتشمل شوارع وميادين المنيا التي اكتست بحلة ميلادية بهيجة، حيث انتشرت أشجار عيد الميلاد المزينة، والمجسمات التي تصور مشهد الميلاد، والتي صنعت يدويًا من قبل فرق شبابية تطوعية. كما نظمت عدد من الجمعيات القبطية فعاليات تضمنت توزيع هدايا على الأطفال الفقراء، وإقامة موائد رحمة جمعت أقباطًا ومسلمين على حد سواء في مشهد يجسد التعايش والوحدة الوطنية.

وفي تصريحات خاصة، قال أحد منظمي الفعاليات: “نريد أن نوصل رسالة بأن عيد الميلاد ليس فقط مناسبة دينية، ولكنه عيد لكل المصريين، يجسد قيم السلام والإنسانية التي يحتاجها العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى”.

الأمن والتنظيم.. نجاح باهر رغم الحشود

وفقًا لتقارير أمنية صادرة عن مديرية أمن المنيا، شارك في الاحتفالات هذا العام أكثر من 30 ألف شخص، بين مصلين وزوار وفرق تنظيمية.

وقد شارك نحو 700 فرد من قوات الأمن في تأمين الكنائس والفعاليات الميدانية، إلى جانب تركيب كاميرات مراقبة حديثة لضمان سير الاحتفالات بسلام، وأشادت الجهات المنظمة بالدور الفاعل للأمن الذي نجح في توفير بيئة آمنة للجميع.

رسائل وطنية واجتماعية في قداس الميلاد

وفي نص خطبته، أشار الأنبا مكاريوس إلى التحديات التي يواجهها العالم من نزاعات وكوارث طبيعية، مؤكدًا أن الميلاد يأتي كتذكير بأهمية التكاتف الإنساني، كما دعا الجميع إلى تعزيز قيم المحبة والتعايش التي حملها السيد المسيح للبشرية، مؤكدًا أن هذه القيم هي السبيل الوحيد لمواجهة الصعاب وبناء عالم أكثر إنسانية.

أبعاد اقتصادية وثقافية للاحتفالات

على الجانب الاقتصادي، تشهد فترة الاحتفالات انتعاشًا في حركة الأسواق، خاصة في بيع مستلزمات الزينة والهدايا.

وقدرت غرفة تجارة المنيا أن قيمة الإنفاق المحلي على هذه المناسبة تجاوزت 15 مليون جنيه، تشمل الزينة والملابس والهدايا.

كما جذبت الفعاليات آلاف الزوار من المحافظات المجاورة، مما ساهم في رفع معدلات إشغال الفنادق والمطاعم في المدينة.

 رسالة مصرية إلى العالم

في نهاية هذا اليوم الحافل، تبقى احتفالات أعياد الميلاد في المنيا شاهدة على عمق الروحانية القبطية التي تفيض بالمحبة والسلام، ومع توافد الزوار وإشعال شموع الصلاة، يظل عيد الميلاد المجيد مناسبة تستحضر أجمل معاني الإنسانية، وتبعث برسالة مصرية خالصة إلى العالم “أن الوحدة والتسامح هما أساس البناء والسلام”.

الرابط المختصر https://alhorianews.com/ncbs

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *