
قال السفير مصطفي الشربيني، رئيس الكرسي العلمي للاستدامة والبصمة الكربونية بالألكسو بجامعة الدول العربية والمراقب باتفاقية باريس لتغير المناخ بالأمم المتحدة، إن الدورة الثانية والستون للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ انعقدت في مدينة هانغتشو بالصين، خلال الفترة من الرابع والعشرين من فبراير إلى الأول من مارس لعام ألفين وخمسة وعشرين حيث كان من المتوقع أن تكون الجلسة من أكثر الاجتماعات تحدياً وفقاً لمعايير الهيئة نظراً للأجندة الثقيلة التي واجهها المندوبون والتي تضمنت العديد من القضايا المتداخلة والمعقدة التي تتعلق بتوجيهات التقارير القادمة ضمن التقييم السابع للهيئة ومراجعة الجداول الزمنية وتسوية النقاشات العالقة منذ الاجتماع الستين الذي عقد في يناير ألفين وأربعة وعشرين إذ احتدم النقاش حول ضرورة إتمام التقارير بشكل سريع لضمان أهميتها في دعم السياسات المناخية خصوصاً في سياق المراجعة العالمية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وأضاف أنه لكن بعض الدول أبدت مخاوف من أن يؤدي ضغط الجداول الزمنية إلى إضعاف مشاركة الدول النامية وإمكانية مساهمتها الفعالة في صياغة التقارير ومع ذلك فقد تم التوصل إلى اتفاق حول ملامح التقارير التي ستصدر عن مجموعات العمل الثلاثة ما سمح ببدء عملية ترشيح المؤلفين وهو ما يمثل خطوة أساسية نحو بدء أعمال التقييم السابع الذي يُتوقع أن يكون مكثفاً وطويلاً
وفيما يتعلق بالتقدم العلمي والتكنولوجي
خاض المجتمعون نقاشات معمقة حول تقرير المنهجيات الخاص بإزالة ثاني أكسيد الكربون وتقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، حيث تمت الموافقة على الإطار العام لهذا التقرير ولكن أثارت بعض الدول تحفظات بشأن إزالة ثاني أكسيد الكربون من المسطحات المائية نظراً إلى عدم توفر الأدلة العلمية الكافية حول آثار هذه العمليات على النظم البيئية البحرية ولذلك تقرر تأجيل النظر في هذا الموضوع إلى الدورة الثالثة والستين وهو ما يعكس الحذر العلمي الذي تبديه الهيئة عند تقييم التقنيات الحديثة لضمان عدم الترويج لممارسات قد تكون غير مستدامة أو ذات آثار غير محسوبة على المدى الطويل كما ناقش المشاركون مقترحات لعقد ورش عمل متخصصة لتعزيز استخدام أنظمة المعرفة المختلفة في التقييمات المستقبلية بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والمعرفة التقليدية للشعوب الأصلية حيث أُقرت ورشتا عمل واحدة حول إشراك أنظمة المعرفة المتنوعة والثانية حول منهجيات التقييم الجديدة التي تشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي وهو ما يعكس اتجاهاً متزايداً نحو توسيع قاعدة البيانات والمصادر المعرفية المستخدمة في تقييمات الهيئة من أجل تحقيق شمولية أكبر في معالجة ظاهرة التغير المناخي.
برزت إشكاليات تتعلق بشمولية المشاركة والتمثيل إلى جانب القضايا العلمية والمنهجية، حيث أدى تمديد ساعات الاجتماعات إلى انسحاب العديد من الوفود الصغيرة من الدول الجزرية الصغيرة والدول الأقل نمواً وهو ما أثار جدلاً حول مدى قدرة هذه الدول على المشاركة الكاملة في عملية صنع القرار كما أن هذه الدورة شهدت ولأول مرة في تاريخ الهيئة غياب وفد الولايات المتحدة مما أثار تساؤلات حول مستقبل مشاركتها في الاجتماعات المقبلة للهيئة وخاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي تؤثر على أولويات السياسات المناخية للدول الكبرى بالإضافة إلى ذلك فقد طُرحت قضايا تتعلق بوضعية المنظمات المراقبة حيث تمت الموافقة على منح سبع عشرة منظمة صفة المراقب وفقاً للسياسات المعتمدة لدى الهيئة ولكن ذلك لم يخلُ من الجدل حيث اعترضت بعض الدول على إدراج بعض المنظمات بحجة تضارب المصالح وهو ما يعكس استمرار النقاش حول مدى استقلالية التقييمات العلمية التي تقدمها الهيئة وضرورة حماية عملية اتخاذ القرار من التأثيرات الخارجية غير العلمية.