كتب: محمد مرزوق
أعلن أسعد الشيباني، وزير الخارجية السوري في الإدارة الجديدة، عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، أنه سيقوم غداً الأربعاء بأول زيارة رسمية للجمهورية التركية، واصفاً إياها بـ”الشريك الذي لم يتخلَّ عن الشعب السوري طوال 14 عاماً”.
زيارة وزير الخارجية السوري لتركيا
هذا الإعلان المفاجئ يأتي في إطار إعادة رسم التحالفات الإقليمية وترميم العلاقات الدبلوماسية بين الجارتين، بعد سنوات من التوتر والنزاع السياسي الذي خيم على العلاقات بين البلدين منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011.
عودة الروابط بين دمشق وأنقرة.. خطوة نحو الاستقرار الإقليمي
وقال الشيباني في بيانه المنشور على حسابه الرسمي “غداً، سأمثل الشعب السوري في زيارة تاريخية إلى تركيا. هذا البلد الذي احتضن الملايين من أبناء سوريا حين اشتدت عليهم المحن، يستحق منا اليوم التقدير والعرفان، وسنعمل على بناء شراكة استراتيجية تخدم مصالح شعوبنا.”
الزيارة الأولى منذ عقد من الزمان
تُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ ما يزيد عن عقد من القطيعة السياسية بين دمشق وأنقرة، حيث كانت تركيا في مقدمة الدول الداعمة للمعارضة السورية سياسياً وعسكرياً. وقد لعبت دوراً محورياً في استضافة اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة لعام 2024، ما يقارب 3.4 مليون شخص، مما يجعلها الدولة الأكبر استضافة للاجئين السوريين.
محاور الزيارة: اللاجئون وإعادة الإعمار على رأس الأولويات
وفقاً لتقارير إعلامية دولية ستتضمن الزيارة نقاشات حول عدة ملفات شائكة، أبرزها:
ملف اللاجئين السوريين: حيث تشير التقارير إلى أن تركيا تأمل في التوصل إلى اتفاقيات مشتركة مع دمشق لتأمين العودة الطوعية والكريمة للاجئين، بالتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة.
إعادة الإعمار: في ظل الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية السورية تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى دعوة الشركات التركية للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار.
التعاون الأمني: حيث يُتوقع أن يتم بحث آليات جديدة لضمان الأمن على الحدود المشتركة، البالغ طولها 822 كيلومتراً، في ظل استمرار تهديدات التنظيمات المسلحة.
ردود الفعل الدولية: ترحيب مشروط وتحفظ حذر
أثار إعلان الشيباني ردود فعل واسعة على المستويين الإقليمي والدولي.
في تركيا: رحب وزير الخارجية التركي في تصريح نقلته وكالة “الأناضول” بالزيارة، مؤكداً أنها “خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار في المنطقة”.
في الولايات المتحدة: علقت وزارة الخارجية الأمريكية، بحسب تقرير نشرته شبكة “CNN”، بأنها “ترحب بأي جهود تعزز الحل السياسي في سوريا”، لكنها شددت على ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 2254.
في الاتحاد الأوروبي: ذكرت صحيفة “الغارديان” أن بروكسل تتابع بقلق هذه التطورات، وسط مخاوف من أن تؤثر التقارب السوري-التركي على الموقف الأوروبي تجاه الأزمة.
رسائل متعددة الأبعاد: ماذا تريد الإدارة السورية الجديدة؟
يبدو أن زيارة الشيباني تحمل رسائل متعددة إلى الداخل والخارج:
داخلياً: تهدف الإدارة الجديدة إلى تأكيد نهجها الإصلاحي والانفتاحي، والسعي لطي صفحة الماضي مع الجيران.
إقليمياً: تُظهر هذه الزيارة رغبة دمشق في العودة إلى لعب دور محوري في المنطقة.
دولياً: تسعى الإدارة السورية لكسب دعم المجتمع الدولي من خلال تعزيز العلاقات مع تركيا، التي تُعتبر لاعباً رئيسياً في الملف السوري.
مستقبل العلاقات بين دمشق وأنقرة: تفاؤل مشوب بالحذر
يرى المراقبون أن هذه الخطوة قد تفتح صفحة جديدة في العلاقات السورية-التركية، لكن التحديات القائمة، بما في ذلك الاختلافات حول الملف الكردي ووجود القوات التركية في شمال سوريا، قد تجعل الطريق طويلاً نحو تطبيع شامل.
ختاماً تترقب الأنظار غداً تفاصيل هذه الزيارة التاريخية التي قد تشكل نقطة تحول في مستقبل المنطقة. فهل ستنجح الإدارة السورية الجديدة بقيادة أسعد الشيباني في مد جسور الثقة مع تركيا؟ أم أن العقبات المتراكمة ستقف حائلاً دون تحقيق تقدم ملموس؟
سنكون أمام لحظة حاسمة في تاريخ العلاقات الإقليمية، وستبقى هذه الزيارة محور النقاشات السياسية والإعلامية في الأيام المقبلة.