مجدي حمدان يكتب: انتهي زمن الكلام

مجدي حمدان يكتب: انتهي زمن الكلام

تفكرت كثيرًا قبل كتابة هذا المقال، ففي زماننا هذا أصبح صالح القول يكاد يتساوى مع السيء منه، إذ يلقى كلاهما ذات المصير من التجاهل أو اللامبالاة.

اسمحوا لي أن أستعيد حوارًا جرى بيني وبين رئيس حزب عريق يمتلك تاريخًا ممتدًا في الحياة السياسية. تأسس الحزب في عهد الحكم الناصري وتبنى الاشتراكية كأيديولوجية. وقد توطدت علاقتنا بفضل الالتفاف حول ثورة 25 يناير، وما تبعها من تكوين لجبهة الإنقاذ.

على الرغم من التحول الكبير الذي طرأ على الحزب، حيث بات يُعرف بمواقفه الموالية للنظام بكل مشتقات هذه الكلمة، إلا أن لقاءً سياسيًا عابرًا جمعنا، ودار بيننا حديث كان أشبه بالعتاب. تساءلت حينها عن سر هذا التحول الغريب، فجاء رده مبررًا: “النهج الثوري قد انتهى، واليوم هو وقت الحوار السياسي فقط. لا غضاضة في الموالاة للسلطة وللحكومة”.

استحضرت هذا الحوار وأنا أشاهد حزب الموالاة الأول في البلاد يدعو بعض أحزاب المعارضة إلى الالتفاف حول الدولة ودعمها. مشهد غير مألوف لم نعهد مثله منذ فترة طويلة، ربما منذ الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا. هناك، حين استشعر الحزب الحاكم والمعارضة الخطر، تألفوا للدفاع عن مدنية الدولة التي يمثلها أردوغان.

لا أخفيكم، المشهد في مصر الآن غير مطمئن، سواء للعامة أو الخاصة. يثير الكثير من التساؤلات حول ما يجري. كان الأجدر أن تجتمع أحزاب الموالاة مع بعضها البعض لتناقش مسؤوليتها عن إيصالنا إلى هذا الوضع. عليها أن تدرك أن إصرارها على تبني سياسات خاطئة، وسن قوانين مجحفة، واتخاذ قرارات مكبّلة، هو ما قادنا إلى هذه الحالة من اليأس.

ومع ذلك، لا أدعو إلى مسار ثوري، بل أؤمن بأن هناك أملًا في الإصلاح الشامل. الدولة المصرية توقفت فيها الحياة السياسية بشكل مقلق. وإذا كان الحوار قادرًا على إحداث التحول، فقد فقد مصداقيته حين أُسندت إدارته إلى من تبنوا المسارات الخاطئة. أصبح الحوار مكلمة، وصار أشبه بحوار الطرشان.

اليوم، على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، وأن تستعيد سريعًا خطوات الإصلاح. يجب أن تكون الرسالة واضحة للمواطن، رسالة تُعيد له الأمان وتبث فيه الأمل.

يجب أن توقف الدولة طموحات بعض رجالاتها الذين اختطفوا الحياة السياسية، وأن تفرج عن معتقلي الرأي، وتفتح آفاقًا جديدة للحريات.

الإصلاح أصبح ضرورة حتمية، ويجب أن تحل الأفعال محل الأقوال.

الرابط المختصر https://alhorianews.com/bb7x

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *