حتى لا تموت الأحلام.. هاك القلم وإليك الورقة.. اكتب "إبداعك"

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عاودتني حكاية ذكرى قصيدتي الأولى، ونحن نتناقش في إعداد عددًا خاصًا عن المبدعين من الشباب من خلال فتح الصفحات لهم لعرض أعمالهم وتقييمها من جانب النقاد.. وهذه فرصة لو تعلمون عظيمة.. فلسنوات بحثت عنها وحينما وجدتها كانت "مشطورة".. وإليكم الحكاية:

امتهنت العديد من الوظائف قبل التحاقي بالصحافة، لأنه لم يكن لدي رفاهية "التدريب دون مقابل" فكنت أبحث عن عمل يدر دخلًا لي ومعه لا أتخل عن حلمي.

في آخر كل يوم، كنت أجلس على مقهى "صديقي إيهاب" أنثر أوراقي وأمارس هوايتي في الكتابة، وتعاطف معي "صديقي" فأخبرني أن هناك صحفي كبير يأت ليلًا إلى المقهى وطلب مني بعض الأعمال لعرضها عليه.

في اليوم التالي انتظرت أنا وإيهاب، الصحفي الكبير الذي كان يجلس دون أن ينبس ببنت شفاه، يحتسي قهوته ويعانق أرجيلته ثم ينصرف.

أعطيت "إيهاب" قصيدة كنت كتبتها عن منتظر الزيدي في واقعة "الحذاء التاريخي" وكانت بعنوان "سقط الطاغية"..

سار "إيهاب" على أصابعه لكيلا يُحدث ضجيجًا حتى وصل إلى هذا الصحفي الكبير، لم أسمع ما قاله "إيهاب" له، إلا أنه استدعاني بلهفة، فذهبت مسرعًا وإذ به يمسك "قصيدتي" بإصبعيه من أعلاها كمن يمسك "منديلًا أفرغ فيه مخاط أنفه"، ثم تكلم دون أن أرى شفتيه تتحرك "قصيدة معقولة هنشر لك نصها"، ومزق الورقة شطرين،.. بانفعال قلت له: ما ينفعش يا أستاذ ولا ينفع تقطع الورق.. يبقى حضرتك ما قريتهاش.. " أومأ لي إيهاب بعينه وشفتيه.. لكني جذبت منه الورق وانصرفت.. وقررت من لحظتها أن أوزع حرفي على المارة مجانًا وألا أعطيه لمن لا يقرأ ولا يحترم الحرف ولا هؤلاء" المنتفخون" زيفًا.

في كل حياتي وببركة رضا أبي وأمي يحدث لي مواقف لا يمكن لعقلي استيعابها بعضها أٌفصح عنه وبعضها أخشى فيه الإفصاح، فتزول عني البركة.

بعد سنوات دخلت مجال الصحافة وتباريت مع من أغلقوا في وجهي الأبواب، ودخلت معهم في سباقات كثيرة فزت فيها بحرفي، وكنت أطأطأ رأسي شكرا وأمنع نفسي من الغرور، كلما جمعني لقاء بمن قالوا لي إن الحلم بعيد المنال.. وها أنا ذا من كان بلا حيلة.. جعله الله "واسع الحيلة".. يعجز لسانه عن شكر الله.. ويدس في أوراقه الكثير من الخبايا والعطايا التي كانت في الروح والمداد والمدد.. يترك الدنيا ويطوف حول أمه فما أقسمت  على الله في شئ إلا وأبره".

أعود إليكم إلى إحدى الوقائع التي كان بطلها" الصدفة"إذ جاءتني عدة مقالات لمراجعتها لبعض أقطاب المهنة، لم يكن من طبعي استبعاد شئ حتى حينما كنت في الديسك، لم أكن استبعد موضوع لزميل بل كنت أعيد صياغة موضوعات برمتها واختيار عنوان مناسب لها وأبتهج لفرحة زملائي بصدى موضوعاتهم، من بين تلك المقالات كان إحداها مكتوبًا بلغة ركيكة، وبه أخطاء كثيرة وحينما وقعت عيني على كاتبه.. اندهشت.. فقد كان كاتب المقال هو نفسه "صحفي المقهى والقصيدة"، فحضرني الغضب وهممت باستبعاد المقال انتقامًا لإفساده "أولويات العسل"، لكني تراجعت وحمدت الله الذي منحني الحرف دون حول لي ولا قوة، وراجعت المقال بل صغته كأفضل ما يكون وأرسلته للنشر.

لأجل ما ذكرت وغيره، مثلي يُقدر تلك الفرصة التي تمنحها "البوابة نيوز" للمبدعين لنشر أعمالهم على صفحاتها وعرضها على "النقاد"، فتلك ما يُقال عنها: الصدفة المُقدَّسة التي تأتيك بأحلام، تظنها عصيَّة على التحقيق، لكن للأقدار حكايات..

أظن أن ما كان أعلاه يوضح أنني حينما أكتب لا أكتب إلا عن حب وبحب.. فما كان لي من حرف ليس عن علم وإنما هو هبة ومنحة من الله.. وجب معها الشكر لله ولمن  يسر لي السطر دون قيد.. وربما يفسر للبعض سر حبي وتقديري وكتابتي الدائمة عن "عبد الرحيم علي"، لأن أحدهم مزق لي أوراقي، ومنحني هو صفحات.. ليس هذا فحسب لكنه جذب من لا وسطة له من آخر الصف ليجلسه بجواره "في وسط صحفي وإعلامي أنتم أدرى به من غيركم".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق